(8) - إرشاد القلوب: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجها إلى داره وقد مضى ربع من الليل ومعه كميل بن زياد وكان من خيار شيعته ومحبيه فوصل في الطريق إلى باب رجل يتلو القرآن في ذلك الوقت ويقرأ قوله تعالى:
(أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) بصوت شجي حزين فاستحسن كميل ذلك في باطنه وأعجبه حال الرجل من غير أن يقول شيئا فالتفت صلوات الله عليه وآله إليه وقال: يا كميل لا تعجبك طنطنة الرجل إنه من أهل النار وسأنبئك فيما بعد! فتحير كميل لمكاشفته له على ما في باطنه ولشهادته بدخول النار مع كونه في هذا الأمر وتلك الحالة الحسنة ومضى مدة متطاولة إلى أن آل حال الخوارج إلى ما آل وقاتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانوا يحفظون القرآن كما أنزل فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى كميل بن زياد وهو واقف بين يديه والسيف في يده يقطر دما ورؤس أولئك الكفرة الفجرة محلقة على الأرض فوضع رأس السيف على رأس من تلك الرؤوس وقال: يا كميل (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) أي هو ذلك الشخص الذي كان يقرأ القرآن في تلك الليلة فأعجبك حاله فقبل كميل قدميه واستغفر الله وصلى على مجهول القدر.
(9) - ويروى عن كثير النوا: أن أبا بكر خرج في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزاة فرأت أسماء بنت عميس وهي تحته كأن أبا بكر متخضب بالحناء رأسه ولحيته وعليه ثياب بيض فجاءت إلى عائشة فأخبرتها فبكت عائشة وقالت: إن صدقت رؤياك فقد قتل أبو بكر، إن خضابه الدم وإن ثيابه أكفانه. فدخل النبي (صلى الله عليه وآله) وهي كذلك فقال: ما أبكاها؟ فذكروا الرؤيا فقال (صلى الله عليه وآله): ليس كما عبرت عائشة ولكن يرجع أبو بكر صالحا فتحمل منه أسماء بغلام تسميه محمدا يجعله الله غيظا على الكافرين والمنافقين.
قال: فكان كما أخبر (صلى الله عليه وآله).