بهم: لان الناس كلهم عيال الخراج وأهله.. وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ولم يستقم أمره إلا قليلا).
عهد الأشتر * * * وطبقة الفلاحين أكثر الطبقات كدحا، وأشقها عملا. فعند من عداهم من الطبقات والطوائف وقت مخصص من اليوم للعمل، وأوقات أخرى للراحة والتسلية، بخلاف الفلاحين فان عملهم يمتد طول اليوم، وعلى مدار العام. وهذا العمل اما في مركز الانتاج وهو الحقل، واما في بيوتهم باعداد البذار والآلات وما إليها. وحتى في الأوقات التي ينقطعون فيها عن العمل هنا وهناك لا ينقطعون عنه في أحاديثهم وتصوراتهم.
وطبيعة عملهم تفرض عليهم هذا اللون من الحياة، وهذا المقدار من الجهد فغيرهم من الناس يستطيع أن يتحكم بعمله فيختار الوقت الملائم لأدائه ثم ينقطع عنه، أما الفلاح فعمله ينحصر في مساعدة العناصر الطبيعية على أن تؤدي وظيفتها على الوجه الأكمل، فهو أسير لهذه العناصر، وعليه أن يكون يقظا دائما ليعمل ما يجب عمله، ولما كان عمله متصلا بهذه العناصر فان أي تقصير منه يعود عليه بضرر كبير، لأنه لا يستطيع أن يتحكم في الظواهر الطبيعية ويسخرها حسب هواه.
هذا العمل المرهق يجب أن يقابله مستوى من المعيشة، ومقدار من الدخل يشعر ان هذه الطبقة بأنها حين تعمل لا تستغل لصالح الآخرين وإنما تعمل لنفسها في الدرجة الأولى.