فهذه الحاسة لا تنشط إلا في ساعات الصفاء العقلي والروحي والوجداني، فعند ذلك تبلغ أقصى قوتها.
فإذا شئنا أن نبحث عن هذه الظاهرة في حياة الإمام عليه السلام طالعتنا فيه على أتم وأكمل ما تكون، فلقد بلغ من الصفاء الروحي حدا لم يدانه فيه إنسان على الاطلاق ولم يزد عليه فيه إلا النبي صلى الله عليه وآله.
وتاريخ حياته عليه السلام سلسلة ذهبية من هذه الظواهر الرائعة الفاتنة.
وإذا صح أن تجردا وصفاء وقتيين يقوم بهما إنسان عادي يتيحان له إطلاق قواه الخارقة، فما قولك فيمن كانت حياته كلها تجردا روحيا وصفاء لا يعدله في بني الانسان صفاء؟.
إن هذه الظاهرة التي تبدو لأعيننا في تاريخ حياته لتدل على أنه كان يدخل في وسعه أن يطلق قواه الخارقة متى أراد، وأن يعي ما غاب عنه في أحشاء الزمان وطوايا المكان متى شاء.
ويصدق قولنا هذا ما أثبته المؤرخون وتسالموا عليه من إخباراته بالمغيبات وصدق ما أخبر به ووقوعه بعده بأزمان.
* * * لم يعن الشريف رحمه الله، حين آلى على نفسه أن يجمع كلامه عليه السلام، بهذه الناحية عناية تستحق الذكر، فما في نهج البلاغة من اخباراته بالمغيبات لا يبلغ عشر ما نسب إليه وصح عنه.
وهذه الطائفة التي ذكرها الشريف من إخباراته تجئ على أقسام: