السقيفة أم الفتن - الدكتور الخليلي - الصفحة ١١٠
وقد رأيناه من قبل كيف فتح للإسلام بسيفه ورأيه، وكيف كان عضدا وساعدا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذابا عنه، ولم نجد له نكسة طول مدة حياته رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، سيان منها عندما كان معه في الحروب أو تلك التي كان فيها وحده، فمنها يوم استخلفه في المدينة، ومنها يوم تركه (صلى الله عليه وآله وسلم) في مكة ليوفي دينه ويرد الأمانات وينفذ أوامره، ومنها تسييره إلى اليمن، في حين قد خاب غيره، ومنها يوم نصبه أمير لواء في خيبر...
نعم.. في جميعها كان النصر له، وأما بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد كان قد أعمله بوقوع الفتن، وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصبر والتجلد وعدم القيام المسلح مهما جاروا عليه، ومهما تجاوزوا في الفتنة والجور والتعدي، وكأنهم علموا بتلك الوصية فقالوا لبعضهم: (إن الرجل موصى)، وإلا من كان يجسر بالتجاوز على حريمه وهو الأبي الضيم، فتحرق باب بيته ويكسر ضلع عقيلته الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين ويسقط جنينها وتضرب؟ ومن كان يستطيع أن يقوده صبرا من داره إلى أبي بكر، حاسر الرأس حافي القدمين، وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، ويجبرونه على البيعة لأبي بكر، وهو أميره الذي بايعه هو وعمر بالأمس وهنئه بالولاية والخلافة والإمارة من قبل؟ من كان يستطيع بدون دليل أن يغصب نحلة فاطمة (عليها السلام)؟
ولو لم تستمر العجلة العظيمة التي سيرها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للفتح، وبعث في نفوس العرب القدرة الروحية والإيمان بالفتوح، وما أنزل إليه من الآيات التي بشر فيها الصابرين وهدد فيها المتخلفين والفارين، ورأى العرب بأم أعينهم الفتوح المستمرة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما عكسته من صور التضحية لما سارت تلك العجلة بتلك السرعة في الشرق والغرب، ففتحوا بلاد كسرى وقيصر واستولوا على حضارتهم الواسعة وخزائنهم الجامعة وأملاكهم الشاسعة.
فماذا كانت نتيجتهم؟! وماذا استفادوا وفادوا؟ ونحن نعلم أن هذه البلاد
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست