المفتوحة كانت مليئة بالحضارات العريقة والعلوم والحكمة والفنون الأنيقة، وفيها الثقافات والمدنيات الرائقة والمكاتب الشائقة المليئة بالكتب، وعندهم الأنظمة والدوائر المنظمة، ولديها أصول الحياة الاجتماعية والصناعات والفنون وعندهم المؤسسات التعليمية والمنشآت الفنية، والإسلام جاءهم بقوة الإيمان والوحدانية وتوحيد الكلمة والمساواة والعدالة والأخلاق السامية والمباني الإنسانية، وحقوق الإنسان التي جمعها بآية واحدة أسندتها آيات أخرى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبث الفضائل والبر والإحسان والرأفة والإخوة والإصلاح، واتباع أصول المنطق الصحيح والعقل السليم في مسالكهم ومناهجهم، وأن يكون الخلفاء والقادة قدوة صالحة للرعية، ولا يكون بغيتهم إلا الخدمة العامة والخاصة للفرد والمجتمع، وخلق روح الوفاق والوئام وبث روح الإصلاح والسلام، وتربية الصغار والكبار على مكارم الأخلاق والفضائل والدين الحنيف والابتعاد عن الأغراض الشخصية والأحقاد النفسية، وعدم التجاوز على الأنفس والأموال إلا في حدود كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتشويق أهل العلم والإيمان وذوي المنطق السليم والعقل الصائب وأهل البر والإحسان، وإبعاد أهل النفاق والفسق والفجور وشل أيديهم عن بث الفساد، وترويج المعرفة والعلم والحكمة والعمل الصالح المثمر، والقول الفصل والعدل، وتقريب الصلحاء وإبعاد الطلحاء، وتولية القضاة الذين يحكمهم الشرع الإسلامي الحنيف، المستكملين للعقل والعلم والإيمان والعدالة والحسب والنسب، وإن لا يبتعد لحظة عن مشورة العقل والعقلاء.
فهل نجد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أية دولة اتبعت ذلك سوى في عهد علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين، أعلم العلماء وأعدل الحكام وأحكم الحكماء وأقضى القضاة وأتقى الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأزكاهم وأسبقهم إيمانا وأشجعهم جنانا وأنصفهم وأبرهم، وأكثرهم إخلاصا ورأفة على الضعفاء، وهو بعد