السقيفة أم الفتن - الدكتور الخليلي - الصفحة ١١٢
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع ما يحمله من القوة الجسمية والروحية والعلمية، لم يزل شابا (1).
فلو ولي هو (عليه السلام) الخلافة، كيف كان ينصب القضاة والولاة، وكيف كان يثبت العدالة والمساواة الحقيقة، وكيف كان يحفظ مقام العلم والعلماء والحكمة والحكماء والإيمان والمؤمنين، وكيف كان يقوم طول حياته بما يجلب للإنسانية من السعادة ويشملها بالخيرات الروحية والجسمية، وكيف كان يبث العلم والعمل، وإن شئت فعد إلى نهج البلاغة لترى آراءه الاجتماعية وقضاءه وسياسته، واسبر عهد مالك الأشتر ورسائله لعماله وبنيه وخطبه العظيمة، ثم عد إلى عمله تراه عاملا ومزارعا وقاضيا وواليا ومحاربا مجاهدا، يواسي الفقير واليتيم والأسير لوجه الله، فهو يريد أن يعيش كعيشة أقل أفراد حكومته ليتحسس بأذواقهم وأدوائهم وإحساسهم وأنفاسهم، ويوصي بذلك عماله.
يتساوى عنده القوي والضعيف، والغني والفقير، والأبيض والأسود، والعربي والعجمي، والقريب والبعيد، لا يفرق بين الأفراد ساعة العدالة من أية ملة ومذهب ودين ولون وجنس، لا يعرض بلدا إلا على مستحقه بالعدل والإنصاف وإلى أقصى ما أمر به الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، هكذا انتخب ولاته، فمن مثله وكيف ستكون الأمة في عهده المديد لو ساعدها الحظ وتولى الأمر، كيف كان يسود السلام والوئام والخير والرفاه الكرة الأرضية بعد أن يعمها الإسلام؟ وكيف لا يعم؟ ونحن نرى تأخر الإسلام إنما كان بسبب عدم اتباع الشرع وحدود الله، فنرى اختلاف أمراء بني أمية

(1) يقول: الكاتب المصري الأستاذ صالح الورداني:
إن مكانة الإمام علي (عليه السلام) كانت ساطعة سطوع الشمس بحيث لم يتمكن القوم من حجبها عن أعين المسلمين بتأويلاتهم، وتبريراتهم. وقد كنت واحدا من هؤلاء الذين سطعت عليهم شمس الحقيقة فأضاءت لي الطريق نحو الصراط المستقيم خط آل البيت (عليه السلام) محطما من طريقي جميع القواعد والأغلال التي صنعها القوم لتكبيل العقل، وحجب الحقائق. (الخدعة:
ص 150 ط بيروت).
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست