حكومة الطبيعة فجعل شئ في غير موضعه معناه الإفساد، وحتى إنه أحيانا لو وضعت - بحكم الاضطرار - عضلة شيخ في عملية جراحية لترميم عضلة شاب، وإن تشابهت من حيث النوع، لا يخلو من عيوب، لأن عضلة الشيخ أقل عمرا وأضعف طاقة من عضلة الشاب، وربما كان العكس أجدى، أي وضع عضلة شاب محل عضلة شيخ أو قلب شاب محل قلب شيخ، بالنظر لقوة ومقاومة عضلة الشاب وقابليته لحياة أطول، هذا إلى مراعاة أمور أخرى كالتشابه في نوع الدم وغيره والخصال التي توجد بين الأقارب، فإن مراعاة ذلك وتطبيقه في المقارنة بين الفرد البشري والمجموع البشري له آثاره القيمة وشأوه البالغ، وهو درس بليغ في شتى نواحي الحياة يمكن الاستفادة منه لمديات قصوى وواسعة، وربما أدى إلى ابتكارات مهمة وعميقة.
أنظر إلى حكمة الله في الطبيعة، ومثل هذا تجده في البشر طبيعيا وغريزيا في بعض الموارد..
فأي نقص في عضو - ولو تناهى في الصغر - وأي اختلال فيه يترك استنفارا وكدرا في كافة الحجيرات وأعضاء الجسم لا تنفك حتى ترممه وتعيد إصلاحه. وإذا أردنا إصلاح عضو ما في البدن فإنما نريد أن نعيد النظام والسعادة إلى جميع البدن المضطرب لما يجده في عضوه من ألم، وهكذا نظرتنا للجماعة البشرية المشتركة بالحس والشعور.
إن البدن كله بما فيه على أهبة واستعداد وعلم بأدنى ألم وسرور يصيب أي جزء منه حتى القسم المعنوي، وعندئذ يهب لإصلاحه، وهذا الشعور حقيقة واقعية يلزم تطبيقها في الجامعة البشرية.
وقد يصيب البدن داء أو عاهة أو شئ يفقده جانبا منه، فتراه في حالة متهيجة لإعادته، فإن كان نقصا فلا بد لإكمال سعادته من رفع النقص وإعادة صحته