فيهم ثم غدوت من عندهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزلة تحولت منها إلى غيرها، وما بين الموت والبعث كنومة نمتها ثم استيقظت منها.
يا مبتغي العلم! قدم لمقامك بين يدي الله؛ فإنك مرتهن بعملك، كما تدين تدان.
يا مبتغي العلم! صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه، إنما مثل الصلاة لصاحبها كمثل رجل دخل على ذي سلطان فأنصت له حتى يفرغ من حاجته، كذلك (1) المرء المسلم بإذن (2) الله ما دام في صلاته لم يزل الله ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته.
يا مبتغي العلم! تصدق قبل أن لا تعطي شيئا ولا تمنعه، إنما مثل الصدقة لصاحبها كمثل رجل طلبه قوم بدم، فقال: لا تقتلوني واضربوا لي أجلا وأسعى في رضاكم، كذلك المرء المسلم بإذن الله كلما تصدق بصدقة حل بها عقدة من رقبته حتى يتوفى الله أقواما وقد رضي عنهم، ومن رضي الله عنه فقد أعتق من النار.
يا مبتغي العلم! إن هذا اللسان مفتاح كل خير، ومفتاح كل شر، فاختم على فيك (3) كما تختم على ذهبك وورقك (4).
يا مبتغي العلم! إن هذه الأمثال ضربها الله للناس وما يعقلها إلا العالمون. (5) (131) 78. أبو بصير قال:
حدثني عمرو بن سعيد بن هلال، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي ذر، قال:
لقيني أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم مزق عثمان المصاحف، فقال: ادع لي أباك، فجاء إليه مسرعا، فقال: يا أبا ذر! أتى اليوم في الإسلام أمر عظيم مزق كتاب الله، ووضع فيه