أهمية هذه المجموعة الثمينة وتحقيقها، وما تلعبه من دور كبير في إزاحة ذلك الغموض الذي أحدق بتلك المسائل طيلة قرون متمادية.
هذا وقد واجهتنا في بادئ الأمر بعض الصعوبات والعقبات؛ ذلك أن هذا النمط من الحديث لم نألفه من قبل، ولم نره في كتب الحديث المتداولة، لكنها - بحمد الله - زالت شيئا فشيئا، وكمل تحقيق المجموعة، وخرجت بهذه الصورة التي نقدمها إلى مجامعنا العلمية.
أضواء على المجموعة قال المولى الوحيد البهبهاني (رحمه الله) في مطلع مقدمة كتابه الفوائد القديمة: " أما بعد، فإنه لما بعد العهد عن زمان الأئمة (عليهم السلام)، وخفي أمارات الفقه والأدلة، على ما كان المقرر عند الفقهاء، والمعهود بينهم بلا خفاء، بانقراضهم وخلو الديار عنهم، إلى أن انطمس أكثر آثارهم، كما كانت طريقة الأمم السابقة، والعادة الجارية في الشرائع الماضية؛ أنه كلما يبعد العهد عن صاحب الشريعة، تخفى أمارات سديدة قديمة، وتحدث خيالات جديدة، إلى أن تضمحل تلك الشريعة " (1).
أقول: ما أحسن ما قاله الوحيد (رحمه الله)، فإن ابتعادنا عن زمن أئمة أهل البيت، وخفاء قرائن الفقه والعلم، والمصائب التي واجهها موالو آل محمد (صلى الله عليه وآله)، كل ذلك كان من جملة الأسباب الرئيسية في اندثار الكثير من آثارهم إن لم نقل معظمها، من جملتها الرسائل والكتب الحديثية والروايات الأولية لأصحاب الأئمة الذين أخذوا العلم والحديث عنهم مباشرة أو بوسائط قليلة، وكان ذلك عاملا مهما في ضياع كم هائل من المعارف التي تدور حول الحديث والرواية وكيفيتها ومجالسها وكتبها.
هذا مضافا إلى أن علماءنا في السابق لم يولوا مسألة تدوين تلك النكات