خيارهم وسفك دماءهم، فيسعدوا بذلك وأشقى، ويعز في الدنيا معاوية ويذل يوم القيامة المغيرة، ورأى أصحاب معاوية منهم آخر ليلة حياتهم بعذراء حسن صلاة ودعاء فأعجبهم نسكهم وأكبروا موقفهم من طاعة الله غير أنهم ألقوا عليهم البراءة من علي أمير المؤمنين عليه السلام بأمر من معاوية براءة يتبعها الأمان والسلام فلم يفعلوا، فقتلوا في موالاة علي عليه السلام كما قاله الحاكم في المستدرك 3: 470، وسمعت في كلمة الإمام السبط عليه السلام قوله: أو لست قاتل الحضرمي الذي كتب إليك فيه زياد: إنه على دين علي كرم الله وجهه. فلم يك ذنبهم إلا موالاة من قرن الله ولايته بولايته وولاية رسوله.
ونحن لا ندري هل ثبت في الشريعة أن البراءة من إمام الهدى ولعنه مجلبة للأمان على حين أن الرجل مستحق للإعدام؟ أو أن ذلك نفسه فريضة ثابتة قامت بها الضرورة من الدين فيهدر به دم تاركها، ويكون قتله من أحب ما يكون إلى معاوية كما جاء فيما رواه ابن كثير في تاريخه 8: 54 من أن عبد الرحمن بن الحارث قال لمعاوية:
أقتلت حجر بن الأدبر؟ فقال معاوية: قتله أحب إلي من أن أقتل معه مائة ألف.
نعم: نحن لا ندري، لكن فقه معاوية وشهواته يستسيغان ذلك، فلا يصيخ إلى نصح أي ناصح، فإنه لما استشار أصحابه في أمر حجر وهو في سجن عذراء قال له عبد الله بن زيد بن أسد البجلي: يا أمير المؤمنين! أنت راعينا ونحن رعيتك، وأنت ركننا ونحن عمادك، إن عاقبت قلنا: أصبت. وإن عفوت قلنا: أحسنت. والعفو أقرب للتقوى، وكل راع مسؤول عن رعيته (1) وما ذنب حجر وأصحابه الصلحاء ومن شاكلهم من أهل الصلاح وحملة الاسلام الصحيح إذ عبسوا على إمارة السفهاء؟ إمارة الوزع ابن الوزغ، إلى أزنى ثقيف مغيرة، إلى طليق استه بسر بن أرطاة، إلى ابن أبيه زياد، إلى خليفتهم الغاشم ابن هند. و حجر وأصحابه هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأخبتوا إلى ما جاء به نبي الاسلام، وقد صح عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لجابر بن عبد الله: أعاذك الله من إمارة السفهاء. قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: أمراء يكونون بعدي لا يقتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردوا علي