مردود من الناس عاملا من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه فلبثوا بذلك حينا، ثم كتب إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية فإذا جائكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة مفتعلة، فإن هذا أحب إلي، وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله.
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا إلى من أقامت عليه البينة إنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطائه ورزقه، وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره.
فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة حتى أن الرجل من شيعة علي عليه السلام ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر إلخ.
استخلف زياد على البصرة سمرة بن جندب لما كتب معاوية إلى زياد بعهده على الكوفة والبصرة فكان زياد يقيم ستة أشهر بالكوفة وستة أشهر بالبصرة، وسمرة من الذين أسرفوا في القتل على علم من معاوية بل بأمر منه، أخرج الطبري من طريق محمد بن سليم قال: سألت أنس بن سيرين: هل كان سمرة قتل أحدا؟ قال: وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس، فقال له معاوية: هل تخاف أن تكون قد قتلت أحدا بريئا؟ قال: لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت، أو كما قال. قال أبو سوار العدوي: قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلا قد جمع القرآن.
وروى بإسناده عن عوف قال: أقبل سمرة من المدينة فلما كان عند دور بني أسد خرج رجل من أزقتهم ففجأ أوائل الخيل فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة قال: ثم مضت الخيل فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحط في دمه فقال: ما هذا