إلى حيث سار المرء بسر بجيشه * فقتل بسر ما استطاع وحرقا قال: ودعا علي عليه السلام على بسر فقال: اللهم إن بسرا باع دينه بالدنيا، وانتهك محارمك، وكانت طاعة مخلوق فاجر، آثر عنده مما عندك، اللهم فلا تمته حتى تسلبه عقله، ولا توجب له رحمتك، ولا ساعة من نهار، اللهم العن بسرا وعمرا ومعاوية، وليحل عليهم غضبك، ولتنزل بهم نقمتك، وليصبهم بأسك وزجرك الذي لا ترده عن القوم المجرمين. فلم يلبث بسر بعد ذلك إلا يسيرا حتى وسوس وذهب عقله، فكان يهذي بالسيف ويقول: اعطوني سيفا أقتل به. لا يزال يردد ذلك حتى اتخذ له سيف من خشب، وكانوا يدنون منه المرفقة فلا يزال يضربها حتى يغشى عليه فلبث كذلك إلى أن مات (1).
وفي شرح ابن أبي الحديد 3: 15: روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرءون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق: أن لا يجيروا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة. وكتب إليهم:
أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجئ أحد