وما أخرجه الحفاظ عن النبي صلى الله عليه وآله من حديث البراءة والجواز. فلا أحسب أن ضميرك الحر يحكم بملائمة هذه كلها مع معنى أجنبي عن الخلافة و والأولوية على الناس من أنفسهم، ويراه مع ذلك أصلا من أصول الدين. وينفي الإيمان بانتفائه، ولا يرى صحة عمل عامل إلا به.
وهذه الأولوية المعدودة من أصول الدين والمولوية التي ينفي الإيمان بانتفائها كما مر في كلام عمر ص 382 صرح بها عمر لابن عباس في كلامه الآخر ذكره الراغب في محاضراته 7 ص 213 عن ابن عباس قال: كنت أسير مع عمر بن الخطاب في ليلة وعمر على بغل وأنا على فرس فقرأ آية فيها ذكر علي بن أبي طالب فقال: أما والله يا بني عبد المطلب؟ لقد كان علي فيكم أولى بهذا الأمر مني ومن أبي بكر. فقلت في نفسي لا أقالني الله إن أقلته، فقلت: أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين؟ وأنت وصاحبك وثبتما وأفرغتما الأمر منا دون الناس، فقال: إليكم يا بني عبد المطلب؟ أما إنكم أصحاب عمر بن الخطاب، فتأخرت وتقدم هنيهة، فقال: سر، لا سرت، وقال: أعد علي كلامك. فقلت: إنما ذكرت شيئا فرددت عليه جوابه ولو سكت سكتنا. فقال: إنا والله ما فعلنا الذي فعلنا عن عداوة ولكن استصغرناه، وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب و قريش لما قد وترها، قال: فأردت أن أقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه فينطح كبشها فلم يستصغره، أفتستصغره أنت وصاحبك؟ فقال: لا جرم، فكيف ترى؟ والله ما نقطع أمرا دونه، ولا نعمل شيئا حتى نستأذنه.
وفي شرح نهج البلاغة 2 ص 20 قال " عمر ": يا بن عباس أما والله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنا خفناه على اثنين - إلى أن قال ابن عباس -: فقلت: وما هما يا أمير المؤمنين؟ قال: خفناه على حداثة سنه، وحبه بني عبد المطلب، وفي ج 2 ص 115: كرهناه على حداثة السن وحبه بني عبد المطلب.
والشهادة بولاية أمير المؤمنين بالمعنى المقصود هي نور وحكمة مودوعة في قلوب مواليه عليه السلام، ودونها كانت تشد الرحال، ولتعيين حامل عبأها كانت تبعث الرسل، كما ورد فيما أخرجه البيهقي في [المحاسن والمساوي] 1 ص 30 في حديث طويل جرى بين ابن عباس ورجل من أهل الشام من حمص ففيه: قال الشامي: يا بن عباس؟