القول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع - الأصبهاني - الصفحة ١١٧
ويكفي في بطلانه ما ذكره الفخر الرازي تشنيعا على الشيعة من أنهم في طعنهم على الصحابة أقل ادراكا وشعورا من نملة سليمان حيث أنها علمت أن أصحاب سليمان بمجرد ادراكهم صحبته النبي في مدة قليلة لا يعتمدون اهلاك النمل وحطمها، واحتملت أن يقع منهم لا عن التفات، فلذا قيده بقولها: (وهم لا يشعرون) (1).
واستحسن هذا الكلام بعض أعيان متأخري العامة، وهو صاحب التحفة الاثني عشرية، قال في مقام تسفيه من يطعن على الصحابة ما هذا لفظه:... (2).

١. النمل: ١٨. ٢. النمل: ١٨.
٢. تحفه اثنى عشرية: ١٩٣، وقد ذكر عبارته باللغة الفارسية نأتي بتعريبها: وفي هذا المقام للإمام الفخر الرازي كلام في غاية المتانة، وأوقع في النفوس والأذهان، فإنه قال: أن الروافض عندي أقل قدرا من النملة التي كانت في قصة سليمان، من جهة العقل وحسن الإعتقاد بنبيهم، لأنها قالت عند رؤية الجنود: (يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) أي أدخلوا في مساكنكم حتى لا تقتلوا تحت أقدام جنود سليمان سهوا.
وقد علمت النملة أن جنود سليمان لا يتعمدون ولا يظلمون أحدا، لأنهم قد تهذبوا وتأدبوا بقليل صحبتهم النبي، وبذلك لا يظلمون متعمدين النملة الضعيفة ولا يقتلونها.
وأما الروافض، فإنهم لا يفهمون ذلك أبدا، لأنهم يقولون: ان صحبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا تؤثر في نفوس أصحابه بمثل ما تؤثر صحبة سليمان في جنوده، مع أنه كان أفضل الأنبياء فلابد أن تكون أكثر تأثيرا في نفوس أصحابه لا سيما في كبارهم الملازمون له، حتى الذي كان معه في الغار ورفيقه في الشدائد، ولا تؤثر صحبته فيهم حتى يذهب عنهم الشيطنة والشرارة، بل أنهم مع ذلك كله قد ارتكبوا أكثر من غيرهم الفضائح، حتى آذوا ابنته وصهره وبني ابنته الذين كانوا من بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يتامى بلا ناصر ومعين، فظلموا وأوذوا بأيدي خيار أصحابه، أحرقوا دارهم وهتكوا قدرهم، أخذوا ما بأيديهم من الأراضي والضياع وما تكون بها وجوه معائشهم، ولا يزال في إيذائهم. معاذ الله من ذلك.
يلاحظ عليه: أن الفخر ومؤيده صاحب التحفة وغيرهما لا يفهمون أن في الموارد الكثيرة من الكتاب والسنة ما ينافي ويناقض مدعاهم، لأن تمامية التأثير للمقتضي من دون نظر إلى فقد المانع غير معقول.
فإن التزم الفخر وغيره بتمامية التأثير للمقتضي دون فقد الموانع فقد التزموا في الواقع بأمور مستحيلة، ومثلها ما في امرأة نوح وامرأة لوط اللتين (كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما)، التحريم: ١٠ - وهكذا في الآية المباركة (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) التحريم: ٤ - على ما في تفسير الآية عن عمر بن الخطاب أنهما عائشة وحفصة، ولا تؤثر فيهما صحبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهل ذلك لقصور المقتضي أعني وعظ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إياهما; أم لوجود المانع للإتعاظ فيهما؟
وهكذا قول أبي بكر: إن لي شيطانا يعتريني، فإن اعتراه الشيطان وارتكب متعمدا جناية فالارتكاب معلول قصور المقتضي لوعظ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو لموانع في نفسه، حيث قال في أواخر أيامه: «وددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة» المعجم الكبير للطبراني ١: ٦٢، كتاب الأموال لأبي عبيد: ١٧٤، ميزان الإعتدال ٣: ١٠٨، رقم ٥٧٦٣، لسان الميزان ٤: ٧٠٦ رقم 5752.
وما ذكر في التفاسير المعتبرة من النفاق في جماعة أدركوا صحبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وصلوا خلفه، ثم تركوه واشتغلوا باللهو والتجارة كما في سورة الجمعة: (وتركوك قائما).
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم: آية الله جعفر السبحاني الف
2 مع الإمام البخاري في صحيحه الف
3 ترجمة شيخ الشريعة الإصبهاني ح
4 شيخ الشريعة وثورة العشرين يب
5 شيخ الشريعة وكتبه العلمية يج
6 كلمة المحقق يد
7 مقدمة المؤلف 15
8 الفصل الأول الإلزامات 23
9 المعاند وروايات المناقب 25
10 الأمر الأول: البخاري وعدم روايته عن الصادق (عليه السلام) 39
11 مع العترة الطاهرة 45
12 الأمر الثاني: يحيى بن سعيد القطان 69
13 الأمر الثالث: اعتقاد البخاري بخلق القرآن 73
14 الأمر الرابع: التعريف بالبخاري 89
15 الفصل الثاني الروايات المتكلم فيها 103
16 حديث: خطبة عائشة 105
17 نسبة الخلاف إلى إبراهيم 109
18 نسبة الخلاف إلى النبي (صلى الله عليه وآله) 115
19 حديث: احراق بيت النملة 116
20 حديث: تفضيل الخلفاء وتكذيب رواته 118
21 حديث: ليلة الإسراء 120
22 حديث: تفضيل زيد بن عمرو بن نفيل على النبي (صلى الله عليه وآله) 124
23 حديث: «كذب إبراهيم ثلاث كذبات» 131
24 حديث امتناع علي بن أبي طالب عن صلاة الليل 132
25 ابن التيمية وطاعة أولى الأمر 140
26 ابن حجر العسقلاني ومعرفته بابن تيمية 142
27 ابن حجر المكي ومعرفته بابن تيمية 145
28 حديث: خطبة بنت أبي جهل 149
29 حديث: الإستقساء للكفار 152
30 حديث: أخذ الأجرة على القران 154
31 حديث: فيه تكذيب (وإن طائفتان...) 155
32 أبو حنيفة يكذب حديث أبي هريرة 157
33 ابن حزم وتكذيب حديث المعازف 160
34 الفصل الثالث مشاهير الرواة في حديث السنة 163
35 عبد الله بن عمر بن الخطاب 165
36 عبد الله بن عمر لم يبايع علي بن أبي طالب 166
37 عبد الله بن عمر وبيعته ليزيد والحجاج 167
38 عبد الله بن عمر يخالف علي بن أبي طالب 170
39 عبد الله بن عمرو بن العاص 175
40 عمرو بن العاص ومعاوية 178
41 عبد الله بن عمرو بن العاص في كلام معاوية 181
42 عبد الله بن الزبير 181
43 عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس 195
44 عبد الله بن الزبير وخدعته لعائشة 197
45 عبدلله بن الزبير ومحاصرته لبني هاشم 203
46 أبو موسى الأشعري 209
47 أبو موسى كان مخالفا لعلي بن أبي طالب 214
48 أبو هريرة الدوسي 226
49 أبو حنيفة يطعن على أبي هريرة 233
50 سبط بن الجوزي 237
51 المصادر والمراجع 241