وأما جوابه عن الاشكال الثاني: بامكان الجمع، فقد عرفت ما فيه، فلابد له من تكذيب الحديث أو تحميق الخليفة وتضليله، فإن اختار الأول فقد أجاد، وان أصر على العناد وقدح في الخليفة الغير السالك مسلك السداد، فهذا هو عين المراد لأهل الرشاد وأشهى إلينا من تكذيب حديث صحيح امامهم العماد.
نسبة الخلاف إلى إبراهيم ومنها: ما أورده في مواضع عديدة من صحيحه.
منها: ما في كتاب التفسير: قال: حدثنا إسماعيل، قال حدثنا أخي عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال يلقى إبراهيم أباه فيقول: يا رب إنك وعدتني ألا تخزني يوم يبعثون فيقول الله: اني حرمت الجنة على الكافرين، وفي رواية أخرى: فيقول: يا رب انك وعدتني ألاتخزني يوم يبعثون، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ (1).
ولا يخفى ما في هذا الافتراء من غاية الازراء بشأن إبراهيم - عليه السلام - ومخالفته لنص الكتاب الكريم.
أما أولا: فلخطائه في اعتقاد أن تعذيب أبيه خزي له بل خزي أعظم، وأي خزي أعظم من هذا.
فان ذلك مما لا يتخيله من له أدنى عقل ودراية فضلا عن النبي المعصوم المبعوث للهداية.
وثانيا: للجهل بالمراد من وعده تعالى بأن لا يخزيه.
وثالثا: مخالفته للدلائل العقلية الدالة على المنع من الاستغاثة للمشركين من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم.