والدلائل على الكذب والبطلان في هذا الهذيان والبهتان أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصى إذ قد ثبت بالأدلة الساطعة والبراهين القاطعة مما صحت من طرقهم ورويت في صحاحهم أفضلية علي - عليه السلام - عن الشيخين فضلا عن الثالث.
ثم ان هذا الخبر مخالف لاجماعهم حيث أنهم مجمعون على أفضليته - عليه السلام - عن غير الثلاثة من الصحابة، ولذا بالغ علامتهم المحدث ابن عبد البر في الاستيعاب في ابطال هذا الخبر، قال:
أخبرنا محمد بن زكريا ويحيى بن عبد الرحمن وعبد الرحمن بن يحيى قالوا حدثنا أحمد بن سعيد بن حرم ثنا أحمد بن خلد ثنا مروان بن عبد الملك، قال سمعت هارون بن إسحاق يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: من قال أبو بكر وعمرو عثمان وعلي وعرف لعلي سابقته وفضله فهو صاحب سنة.
فذكرت له هؤلاء والذين يقولون: أبو بكر، وعمر، وعثمان ثم يسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ.
وكان يحيى بن معين يقول: أبو بكر وعمر وعلي وعثمان.
وقال أبو عمرو: من قال بحديث ابن عمر: كنا نقول على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ثم نسكت، يعني فلا نفاضل وهو الذي أنكر ابن معين وتكلم فيه بكلام غليظ، لأن القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أهل السنة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر، بأن عليا أفضل الناس بعد عثمان، هذا مما لم يختلفوا فيه وإنما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان، واختلف السلف أيضا في تفضيل علي وأبي بكر.