وقيل أن إبراهيم لم يتيقن موته على الكفر لجواز أن يكون آمن في نفسه ولم يطلع إبراهيم على ذلك ويكون وقت تبريه منه بعد اكالة التي وقعت في هذا الحديث (1).
هذا غاية ما تشبثوا به لدفع الطعن عن هذا الخبر وفسادها مما لا يخفى.
أما الأخير: الذي نسب إلى القيل: فيرده جميع رواياتهم التي اذعنوا بصحتها.
منها: ما نقله العسقلاني وقال: اسناده صحيح.
ومنها: ما أورده في الدر المنثور، قال: أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: (فلما تبين له) (2) حين مات وعلم أن التوبة قد انقطعت منه.
وأخرج الفريابي وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وأبو بكر الشافعي في فوائده، والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات، فلما تبين له أنه عدو لله فتبرأ منه، يقول: لما مات على الكفر.
وأما ما ذكره بقوله: ويمكن الجمع، فلا معنى محصل له لان مناط الاشكال على أن إبراهيم بعد علمه بأنه كان مشركا ومات عليه كما سلمه في هذا الجواب، كيف استغفر له ويشفع فيه مع علمه بأنه تعالى لا يخلف الميعاد.
فإن أراد العسقلاني من قوله: لما رآه أدركته الرقة، بيان داعي الاستغفار فهو من قبيل أصوات الحيوانات التي تصدر من غير ارتباط، حيث أن الكلام