ولا يخفى أن صريح هذا الكلام، أن هذا الحذف والاسقاط والتصرف والإختباط والتبديل، والتغيير، والتنقيص، والتبتير، ليس مما يختص بهذا الحديث، بل هذه عادته في كل ما كان من هذا القبيل كما صرح به ابن دحية وصرح أيضا في بتنكبه عن صراط الله القويم.
وقال: أيضا في موضع آخر بعد أن أورد من حديث مسلم حديثا، ثم أورده عن البخاري ما لفظه: بدئنا بما أورده بكماله وقطعه البخاري واسقط منه على عادته كما ترى وهو مما عيب عليه في تصنيفه على ما جرى ولا سيما اسقاطه لذكر علي رضي الله عنه.
وناهيك بهذا القول شاهدا على انحراف البخاري عن أمير المؤمنين عليه السلام وكفاك به دليلا على سوء رأيه وقبح عقيدته وشناعة سريرته وانهماكه في التعصب المخزي بين الأنام، وأي خزي أعظم من أن يبتر الانسان أحاديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بمحض هواه وسوء رأيه الجالب للهوان والملام وقد ظهر لك انهم في رد الحق هائمون، حائرون، (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) (1).