وتوضيح الايراد الثاني: ان ظاهر ما رواه البخاري أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - باشر الخطبة بنفسه وهو ينافي ما في الرواية الأخرى، أنه أرسل خولة لخطبتها، ولا يمكن الجمع أيضا، فإنه بعد أن عرف أبو بكر أن أخوة الاسلام لا تمنع من التزويج بما ذكرت له خولة، وبلغت إليه من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كيف شافه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثانيا بهذا التوهم الفاسد والاعتقاد الكاسد؟
إذا عرفت هذا ظهر لك فساد ما أجاب به العسقلاني، فإن قوله المذكور في حديث الاخوة، وهي أخوة الدين، والذي اعترض به الخلة وهي أخص من الاخوة، في غاية الضعف والبطلان، وناش من عدم فهم مرام المورد، حيث أن المورد حمل الاخوة على الاخوة الخاصة الثابتة لأبي بكر لتخصيص لما في الحمل على الاخوة العامة في الدين من الشناعة.
وذكر أن هذه الاخوة الخاصة ثابتة في حديث الخلة، وهو بالمدينة ولشهرة هذا الحديث اكتفى بقوله:
أن الخلة كانت بالمدينة، ولم يرد أن الخلة هي الاخوة حتى يورد عليه بأنها غيرها، وأنها أخص منها.
ولما رأى المورد ان رعاية جانب الخليفة أولى من البخاري احتمل أن يكون مراد الخليفة الاخوة في الدين فاستشكل في حديث البخاري وصحته!
فان من ابتلى ببليتين يختار أهونهما، والعسقلاني غفل عن ذلك كله وتفوه بما لا محصل له.
بل يزيد الامر به شناعة، من أن المراد الاخوة في الدين، وأن الخلة غير الاخوة مع أن حديث الخلة مما تعرض هو لشرحه، وكان حين الجواب بباله حتى أنه أشار اليه بقوله: الحديث الماضي في المناقب عن أبي سعيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.