وقال غيره: هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) (1).
قال: والجواب عن ذلك، أن أهل التفسير اختلفوا في الوقت الذي تبرأ إبراهيم فيه من أبيه، فقيل: كان ذلك في الحياة الدنيا لما مات مشركا، وهذا الوجه للطبري من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، واسناده صحيح.
وفي الرواية فلما، مات لم يستغفر له، ومن طريق علي بن طلحة عن ابن عباس نحوه، قال: استغفر له ما كان حيا فلما مات امسك.
وأورد أيضا، من طريق مجاهد وقتادة وعمرو بن دينار نحو ذلك، وقيل إنما تبرأ منه يوم القيامة لما آيس منه حين مسخ على ما صرح به في رواية ابن المنذر التي أشرت إليها، وهذا أخرجه الطبري أيضا من طريق عبد الملك بن أبي سليمان سمعت سعيد بن جبير يقول: ان إبراهيم يقول يوم القيامة: رب والدي، فإذا كانت الثالثة أخذ بيده فيلتفت إليه وهو ضبعان فيتبرأ منه.
ومن طريق عبيد بن عمير قال: يقول إبراهيم لأبيه: اني كنت آمرك في الدنيا فتعصيني ولست تاركك اليوم، فخذ بحقوتي فيأخذ بضبيعيه فيمسخ ضبعا، فإذا رآه إبراهيم مسخ تبرأ منه.
ويمكن الجمع بين القولين بأنه تبرأ منه لما مات مشركا، فترك الاستغفار لكن لما رآه يوم القيامة أدركته الرقة والرأفة فسأل فيه، فلما رآه مسخ يئس منه حينئذ وتبرأ تبريا أبديا.