الرذائل في هذا المقام افتخارا على عمر، فقد أثبتها له على أبلغ وجه وأوضحه ولا وجه لجعل فحواه الافتخار بالبعض وجعل ذكر البعض عبثا فيحصل في الكلام من التفكيك وعدم الالتئام ما ينافي المعروف من عاداتهم والمعلوم من مذاهبهم في الحانهم ومحاوراتهم، كما فعله ابن أبي الحديد والنقيب، وهذا غير خفي ي على العارف بأساليب الكلام.
وقول عمر: إن الدجاجة لتفحص، صريح فيما أردناه ليطابق المثال الممثل، واعتراف بما نفاه عمرو عن نفسه، وإلا لما كان لقوله: فتضع لغير الفحل معنى.
والمراد: إن افتخار الولد إنما هو بالأب الذي يولد على فراشه وإن كان في الحقيقة لزنية، كقوله عليه وآله الصلاة والسلام: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " (1)، تأمل، فإنه واضح غير خفي على من له أدنى معرفة وتأمل.
قال ابن عبد النمري في كتاب الاستيعاب: ووصفه أبو الرجاء العطاردي وكان مفضلا فقال: كان عمر بن الخطاب طويلا جسيما، أصلع شديد الصلع، أبيض، شديد حمرة العينين، في عارضيه خفة، سبلته كثيرة الشعر، في أطرافها صهبة (2). انتهى.
أقول: الصهبة في السبلة آية اللؤم، والعرب تصف بها الأعداء، قال ذو الرمة:
لهم مجلس صهب السبال أذلة * سواسية أحرارها وعبيدها (3) قال الجوهري في كتاب الصحاح في اللغة: قال الأصمعي: يقال للأعداء صهب السبال سود الأكباد وإن لم يكونوا صهب السبال (فكذلك يقال