قال ابن حجر في صواعقه في معنى الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه: وتوفي عليه السلام وعمره خمس وخمسون سنة عن خمسة ذكور وبنت، أجلهم أبا محمد الجواد، لكنه لم تطل حياته.
ومما اتفق انه بعد موت أبيه بسنة واقف والصبيان يلعبون في أزقة بغداد، إذ مر المأمون، ففروا ووقف محمد وعمره تسع سنين، فألقى الله محبته في قلبه، فقال له: يا غلام ما منعك من الانصراف؟
فقال له مسرعا: " يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق فأوسعه لك، وليس لي جرم فأخشاك، والظن بك حسن انك لا تضر من لاذنب له ".
فأعجبه كلامه وحسن صوته فقال له: ما اسمك واسم أبيك؟ فقال:
" محمد بن علي الرضا "، فترحم على أبيه وساق جواده وكان معه بزاة للصيد، فلما بعد عن العمارة أرسل بازا على دراجة فغاب عنه، ثم عاد من الجو في منقاره سمكة صغيرة وبها بقاء الحياة، فتعجب من ذلك غاية العجب، ورجع فرأى الصبيان على حالهم ومحمد عندهم، ففروا إلا محمد، فدنا منه وقال له: ما في يدي؟ فقال: " يا أمير المؤمنين إن الله تعالى خلق في بحر قدرته سمكا صغارا صيدها بزاة الملوك والخلفاء، فيختبر بها سلالة أهل بيت المصطفى صلى الله عليه وآله ".
فقال له: أنت أبن الرضا حقا، وأخذه معه وأحسن إليه بالغ في اكرامه، فلم يزل مشفعا به لما ظهر بعد ذلك من فضله وعلمه وكمال عظمته وظهور برهانه مع صغر سنه، وعزم على تزويجه بابنته أم الفضل وصمم على ذلك،