جريح، أخبرني ابن أبي مليكة: ان عبد الله بن الزبير أخبرهم انه قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وآله، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * حتى انقضت الآية، * (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم) * (1). انتهى كلام البخاري (2).
وروى رواية ابن الزبير وابن أبي مليكة في كتاب جامع الأصول.
وروى قصة ثابت بن قيس في الاستيعاب عن أبيه وهو من الخزرج، ويقال له: خطيب الأنصار لشدة صوته (3).
وروى جميع ذلك السيوطي في تفسيره الدر المنثور (4).
تأمل كيف اتقى ثابت ربه من فعله مما لم يتعمده وإنما هو كالطبيعي، والشيخان لم يكترثا بأن يفضحهما الله إذا تجرءا على رفع أصواتهما فوق صوت خاتم النبيين، وتقدما بين يديه ونادياه من وراء الحجرات عند خلوته ببعض نسائه، بما لو عومل به بعض سفلة الناس وأرذلهم وأخملهم لتأفف، وكان ذلك خطا لمرتبته ومنزلته.
وفي هذا التعجرف والهجنة والجفاء والغلظة وقلة المبالاة ما ليس في أكثر صنائع المنافقين التي ذمهم الله عز وجل عليها وأكبرها ووبخ عليها، ولا يخفى حقيقة الحال على من نظر في آي سورة الحجرات وآي غيرها من السور.