ونبذ إليك عهد الإمامة، وألزمت حفظ الشريعة.
وأشهد يا مولاي أنك وفيت بشرائط الوصية، وقضيت ما لزمك من حد الطاعة، ونهضت بأعباء الإمامة، واحتذيت مثال النبوة، في الصبر والاجتهاد والنصيحة للعباد، وكظم الغيظ، والعفو عن الناس، وعزمت على العدل في البرية، والنصفة في القضية، ووكدت الحجج على الأمة بالدلائل الصادقة والشواهد الناطقة، ودعوت إلى الله بالحكمة البالغة، والموعظة الحسنة.
فمنعت من تقويم الزيغ، وسد الثلم، وإصلاح الفاسد، وكسر المعاند وإحياء السنن، وإماتة البدع، حتى فارقت الدنيا وأنت شهيد، ولقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت حميد، صلوات الله عليك تترادف وتزيد.
ثم صر إلى عند الرجلين وقل:
يا سادتي يا آل رسول الله إني بكم أتقرب إلى الله جل وعلا، بالخلاف على الذين غدروا بكم، ونكثوا بيعتكم، وجحدوا ولايتكم، وأنكروا منزلتكم وخلعوا ربقة طاعتكم، وهجروا أسباب مودتكم، وتقربوا إلى فراعنتهم بالبراءة منكم، والاعراض عنكم، ومنعوكم من إقامة الحدود، واستئصال الجحود، وشعب الصدع، ولم الشعث، وسد الخلل، وتثقيف الأود، وإمضاء الاحكام وتهذيب الاسلام، وقمع الآثام، وأرهجوا عليكم نقع الحروب والفتن، وأنحوا عليكم سيوف الأحقاد، وهتكوا منكم الستور وابتاعوا بخمسكم الخمور، وصرفوا صدقات المساكين إلى المضحكين والساخرين.
وذلك بما طرقت لهم الفسقة الغواة، والحسدة البغاة، أهل النكث والغدر والخلاف والمكر، والقلوب المنتنة من قذر الشرك، والأجساد المشحنة من درن الكفر، أضبوا على النفاق، وأكبوا على علائق الشقاق.
فلما مضى المصطفى صلوات الله عليه وآله، اختطفوا الغرة (1) وانتهزوا الفرصة، وانتهكوا الحرمة، وغادروه على فراش الوفاة، وأسرعوا لنقض البيعة