وغلتي لا يبردها إلا وصلك، ولوعتي لا يطفئها إلا لقاؤك، وشوقي إليك لا يبله إلا النظر إلى وجهك، وقراري لا يقر دون دنوي منك، ولهفتي لا يردها إلا روحك، وسقمي لا يشفيه إلا طبك، وغمي لا يزيله إلا قربك، وجرحي لا يبرئه إلا صفحك، ورين قلبي لا يجلوه إلا عفوك، ووسواس صدري لا يزيحه إلا أمرك.
فيا منتهى أمل الآملين، ويا غاية سؤل السائلين، ويا أقصى طلبة الطالبين ويا أعلى رغبة الراغبين، ويا ولي الصالحين، ويا أمان الخائفين، ويا مجيب المضطرين، ويا ذخر المعدمين، ويا كنز البائسين، ويا غياث المستغيثين، ويا قاضي حوائج الفقراء والمساكين، ويا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين، لك تخضعي وسؤالي، وإليك تضرعي وابتهالي. أسئلك أن تنيلني من روح رضوانك وتديم علي نعم امتنانك، وها أنا بباب كرمك واقف، ولنفحات برك متعرض وبحبلك الشديد معتصم، وبعروتك الوثقى متمسك، إلهي ارحم عبدك الذليل ذا اللسان الكليل، والعمل القليل، وامنن عليه بطولك الجزيل، واكنفه تحت ظلك الظليل، يا كريم يا جميل يا أرحم الراحمين.
المناجاة الثانية عشر مناجاة العارفين [ليوم الثلثا]:
بسم الله الرحمن الرحيم إلهي قصرت الألسن عن بلوغ ثنائك كما يليق بجلالك، وعجزت العقول عن إدراك كنه جمالك، وانحسرت الابصار دون النظر إلى سبحات وجهك، ولم تجعل للخلق طريقا إلى معرفتك إلا بالعجز عن معرفتك إلهي فاجعلنا من الذين توشحت (1) أشجار الشوق إليك في حدائق صدورهم وأخذت لوعة محبتك بمجامع قلوبهم، فهم إلى أوكار الأفكار (2) يأوون، وفي رياض القرب والمكاشفة يرتعون، ومن حياض المحبة بكأس الملاطفة يكرعون، وشرايع المصافاة يردون، قد كشف الغطاء عن أبصارهم، وانجلت ظلمة الريب عن عقائدهم من (3) ضمائرهم، وانتفت مخالجة الشك عن قلوبهم وسرائرهم، وانشرحت بتحقيق