بذلك، فخرجوا معه على ما كان بهم من الجراح حتى نزلوا منزلا يقال له:
حمراء الأسد، وكانت قريش قد جدت السير فرقا فلما بلغهم خروج رسول الله صلى الله عليه وآله في طلبهم، خافوا فاستقبلهم رجل من أشجع يقال له نعيم بن مسعود يريد المدينة، فقال له أبو سفيان صخر بن حرب يا نعيم هل لك أن أضمن لك عشر قلائص وتجعل طريقك على حمراء الأسد فتخبر محمدا أنه قد جاء مدد كثير من حلفائنا من العرب: كنانة وعشيرتهم والأحابيش، وتهول عليهم ما استطعت، فلعلهم يرجعون عنا.
فأجابه إلى ذلك وقصد حمراء الأسد فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، وأن قريشا يصبحون بجمعهم الذي لا قوام لكم به، فاقبلوا نصيحتي وارجعوا، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: حسبنا الله ونعم الوكيل، اعلم أنا لا نبالي بهم، فأنزل الله سبحانه على رسوله " الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " وإنما كان القائل لهم نعيم بن مسعود فسماه الله تعالى باسم جميع الناس، وهكذا كل ما جاء تنزيله بلفظ العموم ومعناه الخصوص.
ومثله قوله تعالى " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (1).
وأما ما لفظه خصوص ومعناه عموم فقوله عز وجل " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " (2) فنزل لفظ الآية خصوصا في بني إسرائيل وهو جار على جميع الخلق عاما لكل العباد، من بني إسرائيل وغيرهم من الأمم، ومثل هذا كثير في كتاب الله.