مزدجر، وقد جعل الله تعالى الاستغفار لدور الأرزاق ورحمة الخل، فقال سبحانه: " واستغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * و يمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ".
فرحم الله عبدا قدم توبته، واستقال عثرته، وذكر خطيئته، وحذر منيته، فان أجله مستور عنه، وأمله فادع له، والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها ويمنيه التوبة ليسوفها، حتى تهجم عليه منيته أغفل ما يكون عنها، فيا لها حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، وأن تؤديه أيامه إلى شقوة.
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا نقمة.
بيان: " قدم توبته " أي على موته أو على وقت سيحضر " ويمنيه التوبة " أي يجعلها في أمانيه، ويقول ستفعلها، والتسويف أن يقول في نفسه سوف أفعل، و أكثر ما يستعمل في الوعد الذي لا إنجاز له " أغفل " منصوب على الحالية " فيها لها حسرة " الضمير مبهم وحسرة تمييز له، واللام قيل للاستغاثة، أي يا للحسرة على الغافلين ما أكثرك، وقيل بل لام الجر فتحت لدخولها على الضمير، والمنادى محذوف تقديره يا قوم أدعوكم لها لتقضوا التعجب من هذه الحسرة، وأن في موضع النصب بحذف الجار كأنه قيل لماذا تقع الحسرة عليهم؟ فقال: على كون أعمارهم حجة عليهم يوم القيامة، والبطر الطغيان عند النعمة.
21 - مشكاة الأنوار: (1) نقلا من محاسن البرقي، عن الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس خصال إن أدركتموها فتعوذوا بالله من النار: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا اخذوا بالسنين وشدة المونة وجور السلطان، ولم يمنع الزكاة إلا منع القطر من السماء، فلولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم