عنهم بعظيم ملكك، وتوحدت فوق عرشك بقهرك وسلطانك، ثم دعوت السماوات إلى طاعة أمرك فأجبن مذعنات إلى دعوتك، واستقرت على غير عمد من خيفتك، وزينتها للناظرين وأسكنتها العباد المسبحين، وفتقت الأرضين فسطحتها لمن فيها مهادا وأرسيتها بالجبال أوتادا، فرسخ سنخها في الثرى وعلت ذراها في الهواء، فاستقرت على الرواسي الشامخات، وزينتها بالنبات وحففت متنها بالاحياء والأموات مع حكيم من أمرك يقصر عنه المقال، ولطيف من صنعك في الفعال، قد أبصره العباد حين نظروا وفكر فيه الناظرون فاعتبروا.
فتباركت منشئ الخلق بقدرتك، وصانع صور الأجساد بعظمتك، ونافخ النسيم فيها بعلمك، ومحكم أمر الدنيا والآخرة بحكمتك وأنت الحامد نفسه بما أنت أهله المجلل رداء الرحمة خلقه، المسبغ عليهم فضله الموسع عليهم رزقه، لم يكن قبلك يا رب رب ولا معك يا إلهي إله، لطفت في عظمتك دون اللطفاء من خلقك، وعظمت على كل عظيم بعظمتك، وعلمت ما تحت أرضك كعلمك ما فوق عرشك، تبطنت للظاهرين من خلقك ولطفت للناظرين في قطرات أرضك، فكانت وساوس الصدور كالعلانية عندك، وعلانية القول كالسر في علمك، فانقاد كل شئ لعظمتك، وخضع كل سلطان لسلطانك، وقهرت ملك الملوك بملكك، وصار أمر الدنيا والآخرة بيدك.
يا لطيف اللطفاء في أجل الجلالة، ويا أعلى الأعلين في أقرب القرب، أنت المغشي بنورك حدق الناظرين، والمحير في النظر أطرف الطارفين، والمطل شعاعه أبصار المبصرين، فحدق الابصار حسر دون النظر إليك، وأناسي العيون خاشعة لربوبيتك، لم تبلغ مقل حملة العرش منتهاك، ولا المقائيس قدر علوك، لا يحيط بك المتفكرون، فسبحانك وبحمدك، تباركت ربنا جل ثناؤك.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، ونبيك نبي الرحمة البر بالأمة الواعظ بالحكمة، والدليل على كل خير وحسنة إمام الهدى وخاتم الأنبياء وافتح مذخور الشفاعة، الامر بالمعروف والناهي عن المنكر، ومحل الطيبات ومحرم الخبائث