غامرا لأن الماء يغمره والمعني أنه سبحانه عقد ماء البحر في باطنه كما يعقد الحجارة وجعله قناطير، وكأنه إشارة إلى الكوى التي تراءى قوم موسى في البحر منها.
" وتمت كلمتك الحسنى عليهم بما صبروا وأورثتهم مشارق الأرض ومغاربها التي باركت فيها للعالمين " الحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة يعني تمت على بني إسرائيل أي مضت عليهم، من قولك تم على الامر إذا مضى عليه واستمر، وقوله تعالى: " بما صبروا " أي بسبب صبرهم، وأورثهم أرض مصر والشام بعد العمالقة فانصرفوا في نواحيها الشرقية والغربية كيف شاؤوا، وبارك لهم فيها بأنواع الخضر من الزرع والثمار والعيون والأنهار.
" ومواكبه في اليم " مواكبه جمع موكب، قال الجوهري الموكب ركوب القوم للزينة، والمراد هنا جيوشه وعساكره، وفي بعض النسخ " ومراكبه " جمع مركب وهي الأفراس وغيرها مما يركب وأركب المهر: حان أن يركب، وليس المراد المراكب التي هي السفن، واليم البحر وقديم الرجل إذا القي في اليم.
" ومسجد الخيف " بمنى معروف وقال - ره - في كتاب لمع البرق في معرفة الفرق للكفعمي عفى الله عنه أن الفرق بين الخليل والصديق أن الخليل لا يقتضي أن يكون من جنس من هو خليله، ولهذا قالت العرب سيفي خليلي، والصديق لا يكون إلا من جنس من يصادقه، ويكون رتبته قريبة منه، فلا يقال لرجل ذمي أنه صديق الأمير، وقوله: " صفيك " أي اخترته والصفي الصافي وصفو الشئ خالصه مثلثة الصاد، وأما بئر شيع فرقمه الشهيد - ره - بخطه بالشين المعجمة والياء المثناة من تحت، وقد ذكر أنها بئر طمها عمال ملك اسمه أبو مالك فسأله إسحاق عليه السلام أن تعاد وتكنس، ففعل أبو مالك ذلك ورمى بقمامتها، فيكون معناه مأخوذا من قولك شاعت الناقة إذا رمت ببولها، ويجوز أن يكون المعنى مأخوذا من الشيع وهي الأصحاب الأعوان لتشايعهم على حفرها وكنسها، ومنه قوله تعالى:
" في شيع الأولين " (1) أي أصحابهم، ورقمه بعضهم بالسين المهملة والباء المفردة