ومعناه أن إسحاق بن إبراهيم كاتب عليها ملكا يقال له: أبو مالك وتعاهد على البئر بسبعة من الكباش فسميت لذلك بئر سبع.
أقول: يظهر من التوراة أنه بئر سبع بالسين المهملة والباء الموحدة، و ذكر قصتها في موضعين أحدهما عند ذكر قصة إسماعيل وهاجر، حيث قال: فلما رأت سارة أن ابن هاجر المصرية يلعب مع إسحاق ابنها، قالت لإبراهيم أخرج هذه الأمة وابنها، لان ابن هذه الأمة لا يرب مع ابني إسحاق.
فصعب على إبراهيم لموضع ابنه، وقال الله له: فلا يصعبن عليك من أجل الصبي ومن أجل أمتك مهما قالت لك سارة اسمع منها، لأنه في إسحاق يدعى لك الزرع وابن الأمة أيضا فإنه سأجعله لشعب عظيم لأنه زرعك، فقام إبراهيم بالغداة وأخذ خبزا وسقاء من ماء، ووضع ذلك على عاتقها وأعطاها الصبي وأطلقها.
فلما مضت كانت تائهة في برية بئر سبع وفرع الماء من السقاء، فطرحت الصبي تحت شجرة هناك، ومضت، فجلست بإزائه من بعيد نحو رمية سهم لأنها قالت لا أرى الصبي يموت، وجلست قبالته ورفعت صوتها بالبكاء فسمع الله صوت الصبي ونادى ملاك الله هاجر من السماء: مالك يا هاجر؟ لا تخشي إنه قد سمع الله صوت الصبي من حيث هو قومي فخذي الصبي وأمسكي بيده فاني أجعله لشعب عظيم، وفتح الله عينها فنظرت بئرا من ماء وانطلقت فملأت السقاء، وسقت الصبي، وكان الله معه، ونمى وسكن في البرية وصار شابا يرمى بالسهام وسكن برية فاران و أخذت له أمه امرأة من أرض مصر في ذلك الزمان.
قال أبو مالك وفيكال رئيس جيشه لإبراهيم: الله معك في كل ما تعمل، فالآن احلف بالله أنك لا تؤذيني ولا لخلفائي وذريتي، بل كحسب رحمة فعلت معك تفعل معي ومع الأرض التي سكنتها، فقال إبراهيم: أنا أحلف لك وكلم إبراهيم أبا مالك من أجل بئر الماء التي غالب عليها عبيده، فقال أبو مالك: لا علم لي بمن فعل هذا، و أنت فلم تخبرني بشئ وأنا لم أسمع سوى اليوم.
وأخذ إبراهيم غنما وبقرا وأعطى أبا مالك وجعل بينهما ميثاقا وأقام إبراهيم