بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٤ - الصفحة ٣٠٣
حتى خلصت (1)، ولاطها بالبلة حتى لزبت (2)، فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول (3) وأعضاء وفصول، أجمدها حتى استمسكت، وأصلدها حتى صلصلت (4) لوقت معدود، وأجل معلوم، ثم نفخ فيها من روحه، فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها وفكر يتصرف بها، وجوارح يختدمها (5) وأدوات يقلبها، ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل، والأذواق والمشام والألوان والأجناس معجونا بطينة الألوان المختلفة والأشباه المؤتلفة، والأضداد المتعادية، والاخلاط المتباينة، من الحر والبرد والبلة والجمود [والمساءة والسرور] واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم (6)، وعهد وصيته إليهم في الاذعان بالسجود له، والخشوع لتكرمته، فقال سبحانه: " اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس " [وقبيله] اعترته الحمية، وغلبت عليه الشقوة، وتعزز بخلقة النار، واستوهن خلق الصلصال. فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما للبلية، وإنجازا للعدة، فقال: إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " (7).

(١) سن الماء: صبه من غير تفريق واما الصب المتفرق فهو الشن بالمعجمة. وخلصت أي صارت طينة خالصة. وفى بعض النسخ من النهج " حتى خضلت بتقديم الضاد المعجمة على اللام أي ابتلت.
(٢) لاطها أي خلطها وعجنها. ولزبت - بفتح الزاي - أي التصقت وثبتت.
(٣) الوصول الفصول باعتبار.
(٤) اصلدها أي جعلها صلبة. والصلد من الحجر الصلب الأملس. وقيل صلبت حتى تسمع لها صلصلة إذا هبت عليها رياح فلذلك سماه الله الصلصال.
(٥) أي يجعلها في مآربه وأوطارها كالخدم الذين تستعملهم في خدمتك.
(٦) أي طلب منها أداءها.
(٧) ص: ٨١ و 82.
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»
الفهرست