حتى خلصت (1)، ولاطها بالبلة حتى لزبت (2)، فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول (3) وأعضاء وفصول، أجمدها حتى استمسكت، وأصلدها حتى صلصلت (4) لوقت معدود، وأجل معلوم، ثم نفخ فيها من روحه، فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها وفكر يتصرف بها، وجوارح يختدمها (5) وأدوات يقلبها، ومعرفة يفرق بها بين الحق والباطل، والأذواق والمشام والألوان والأجناس معجونا بطينة الألوان المختلفة والأشباه المؤتلفة، والأضداد المتعادية، والاخلاط المتباينة، من الحر والبرد والبلة والجمود [والمساءة والسرور] واستأدى الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم (6)، وعهد وصيته إليهم في الاذعان بالسجود له، والخشوع لتكرمته، فقال سبحانه: " اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس " [وقبيله] اعترته الحمية، وغلبت عليه الشقوة، وتعزز بخلقة النار، واستوهن خلق الصلصال. فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة، واستتماما للبلية، وإنجازا للعدة، فقال: إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم " (7).
(٣٠٣)