ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها (1)، أحال الأشياء لأوقاتها، و لائم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها، وألزمها أشباحها (2) عالما بها قبل ابتداءها محيطا بحدودها وانتهائها، عارفا بقرائنها وأحنائها (3).
ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشق الارجاء، وسكائك الهواء، فأجرى (4) فيها ماء متلاطما تياره (5) متراكما زخاره، حمله على متن الريح العاصفة، و الزعزع القاصفة، فأمرها برده، وسلطها على شده: وقرنها إلى حده، الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق.
ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها، وأدام مربها (6) وأعصف مجراها، و أبعد منشأها، فأمرها بتصفيق الماء الزخار، وأثارة موج البحار، فمخضته مخض السقاء (7) وعصفت به عصفها بالفضاء، ترد أوله إلى آخره، وساجيه إلى مائره حتى عب عبابه (8) ورمى بالزبد ركامه. فرفعه في هواء منفتق، وجو منفهق (9)