والأشجار فلتثمرن، وثمار الجنة فلتدلين (1) ولامرن ريحا من الرياح التي تحت العرش فلتحملن جبال من الكافور والمسك الأذفر فلتصيرن وقودا من غير النار، فلتدخلن به، ولا يكون بيني وبين روحه ستر فأقول له عند قبض روحه:
مرحبا وأهلا بقدومك علي، اصعد بالكرامة والبشرى والرحمة والرضوان، و جنات لهم فيها نعيم مقيم، خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم. فلو رأيت الملائكة كيف يأخذ بها واحد ويعطيها الاخر.
يا أحمد إن أهل الآخرة لا يهناؤهم الطعام منذ عرفوا ربهم، ولا يشغلهم مصيبة منذ عرفوا سيئاتهم، يبكون على خطاياهم، يتعبون أنفسهم ولا يريحونها، وأن راحة أهل الجنة في الموت، والآخرة مستراح العابدين، مؤنسهم دموعهم التي تفيض على خدودهم، وجلوسهم مع الملائكة الذين عن أيمانهم وعن شمائلهم، ومناجاتهم مع الجليل الذي فوق عرشه، وأن أهل الآخرة قلوبهم في أجوافهم قد قرحت (2) يقولون متى نستريح من دار الفناء إلى دار البقاء.
يا أحمد هل تعرف ما للزاهدين عندي في الآخرة؟ قال: لا يا رب، قال:
يبعث الخلق ويناقشون بالحساب، وهم من ذلك آمنون، إن أدنى ما أعطي للزاهدين في الآخرة أن أعطيهم مفاتيح الجنان كلها حتى يفتحوا أي باب شاؤوا ولا أحجب عنهم وجهي ولأنعمنهم بألوان التلذذ من كلامي، ولأجلسنهم في مقعد صدق وأذكرنهم ما صنعوا وتعبوا في دار الدنيا وأفتح لهم أربعة أبواب: باب تدخل عليهم الهدايا منه بكرة وعشيا من عندي، وباب ينظرون منه إلي كيف شاؤوا بلا صعوبة، وباب يطلعون منه إلى النار فينظرون منه إلى الظالمين كيف يعذبون وباب تدخل عليهم منه الوصايف (3) والحور العين، قال: يا رب من هؤلاء الزاهدون الذين وصفتهم؟ قال: الزاهد هو الذي ليس له بيت يخرب فيغتم بخرابه، ولا له