وسباع ضارية، يهر بعضها على بعض (1)، يأكل عزيزها ذليلها وكبيرها صغيرها قد أضلت أهلها عن قصد السبيل، وسلكت بهم طريق العمى (2) وأخذت بأبصارهم عن منهج الصواب، فتاهوا في حيرتها (3) وغرقوا في فتنتها، واتخذوها ربا، فلعبت بهم، ولعبوا بها ونسوا ما وراءها.
فإياك يا بني أن تكون قد شانته كثرة عيوبها (4) نعم معقلة وأخرى مهملة قد أضلت عقولها، وركبت مجهولها، سروح عاهة بواد وعث، ليس لها راع يقيمها. رويدا حتى يسفر الظلام، كأن قد وردت الظعينة (5) يوشك من أسرع أن يؤوب.
واعلم أن من كانت مطيته الليل والنهار، فإنه يسار به وإن كان لا يسير (6) أبى الله إلا خراب الدنيا وعمارة الآخرة.
أي بني فإن تزهد فيما زهدك الله فيه من الدنيا وتعزف نفسك عنها، فهي أهل ذلك، وإن كنت غير قابل نصيحتي إياك فيها فاعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ولن تعدو أجلك وأنك في سبيل من كان قبلك، فاخفض في الطلب (7) وأجمل في