" وقل لهما قولا كريما ": وخاطبهما بقول رفيق لطيف حسن جميل، بعيد عن اللغو والقبيح يكون فيه كرامة لهما " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " أي وبالغ في التواضع والخضوع لهما قولا وفعلا، برا بهما وشفقة لهما، والمراد بالذل ههنا اللين والتواضع، دون الهوان من " خفض الطائر جناحه " إذا ضم فرخه إليه فكأنه سبحانه قال: ضم أبويك إلى نفسك كما كانا يفعلان بك وأنت صغير، وإذا وصفت العرب إنسانا بالسهولة وترك الاباء، قالوا: هو خافض الجناح انتهى.
وقال البيضاوي " واخفض لهما " أي تذلل لهما وتواضع فيهما، جعل للذل جناحا وأمر بخفضها مبالغة وأراد جناحه كقوله " واخفض جناحك للمؤمنين " (1) وإضافته إلى الذل للبيان والمبالغة كما أضيف حاتم إلى الجود، والمعنى: واخفض لهما جناحك الذليل وقرئ الذل بالكسر وهو الانقياد انتهى.
والضجر والتضجر التبرم، قوله " لا تمل " الظاهر لا تملأ بالهمز كما في مجمع البيان وتفسير العياشي وأما على نسخ الكتاب فلعله أبدلت الهمزة حرف علة ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام المخففة. ولعل الاستثناء في قوله الا برحمة منقطع، والمراد بملء العينين حدة النظر والرقة رقة القلب، وعدم رفع الصوت نوع من الأدب كما قال تعالى " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " (2).
و " لا يدك فوق أيديهما " الظاهر أن المراد أن عند التكلم معهما لا ترفع يدك فوق أيديهما كما هو الشائع عند العرب أن عند التكلم يبسطون أيديهم ويحركونها.
وقال الوالد قدس الله روحه: المراد أنه إذا أنلتهما شيئا فلا تجعل يدك فوق أيديهما وتضع شيئا في يدهما، بل ابسط يدك حتى يأخذا منها فإنه أقرب إلى الأدب وقيل المعنى لا تأخذ أيديهما إذا أرادا ضربك.
" ولا تقدم قدامهما " أي في المشي أو في المجالس أيضا.
ثم اعلم أنه لا ريب في أن رعاية تلك الأمور من الآداب الراجحة، لكن