فلا ينال البر إلا به فكذلك لا ينال بر الوالدين إلا بالمبادرة إلى قضاء حاجتهما قبل أن يسألاه وإن استغنيا عنه فإنه أشق على النفس لاستلزامه التفقد الدائم.
ووجه آخر وهو أن سرور الوالدين بالمبادرة إلى قضاء حاجتهما أكثر منه بقضائها بعد الطلب كما أن سرور المنفق عليه بانفاق المحبوب أكثر منه بانفاق غيره انتهى.
وأقول: سيأتي برواية الكليني والعياشي: أن في قراءة أهل البيت عليهم السلام " ما تنفقون " بدون " من " فالاطلاق بل العموم أظهر ويمكن أن يقال على تقدير تعميم البر كما هو المشهور أنه استفيد من الآية أن الرجل لا يبلغ درجة الأبرار إلا إذا أنفق جميع ما يحب ولم يذكر الله المنفق عليهم وقد ثبت أن الوالدين ممن تجب نفقته فلابد من إنفاق كل محبوب عليهم سألوا أم لم يسألوا.
قال الطبرسي - ره - (1) البر أصله من السعة ومنه البر خلاف البحر، والفرق بين البر والخير أن البر هو النفع الواصل إلى الغير ابتداء مع القصد على ذلك، و الخير يكون خيرا وإن وقع عن سهو، وضد البر العقوق، وضد الخير الشر أي لن تدركوا بر الله لأهل الطاعة.
واختلف في البر هنا فقيل هو الجنة عن ابن عباس وغيره، وقيل هو الثواب في الجنة، وقيل هو الطاعة والتقوى، وقيل معناه لن تكونوا أبرارا أي صالحين أتقياء " حتى تنفقوا مما تحبون " أي حتى تنفقوا المال.
وإنما كنى بهذا اللفظ عن المال لان جميع الناس يحبون المال. وقيل معناه ما تحبون من نفائس أموالكم دون رذالها كقوله سبحانه " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " (2) وقيل هو الزكاة الواجبة، وما فرضه الله في الأموال عن ابن عباس وقيل هو جميع ما ينفقه المرء في سبيل الخيرات.
وقال بعضهم: دلهم سبحانه بهذه الآية على الفتوة، فقال: لن تنالوا بري