وهو أن العمدة في منفعة الصديق أن يأتيك بكلام غيرك أو فعله، وأن يبلغ رسالتك إلى غيره، ولما كانت عادته الكذب لا تعتمد أنت على كلامه ولا غيرك، فتنتفي الفائدتان هذا إذا لم يأت بما يوجب الافساد والاغراء، وإلا فمفسدته أشد، فيكون قوله " يغري " تأسيسا لا تأكيدا وفي القاموس الحديث الخبر والجمع أحاديث شاذ، والأحدوثة ما يتحدث به، وفي الصحاح الحديث الخبر يأتي على القليل والكثير، ويجمع على أحاديث على غير قياس، قال الفراء: نرى أن واحد الأحاديث أحدوثة ثم جعلوه جمعا للحديث والأحدوثة ما يتحدث به، وقال: مطه يمطه أي مده، وفي القاموس مطه مده والدلو جذبه، وحاجبيه وخده تكبر وأصابعه مدها مخاطبا بها، وتمطط في الكلام لون فيه انتهى.
وسيأتي هذا الخبر بعينه في أبواب العشرة (1) وفيه " مطرها " وفي القاموس مطرني بخير أصابني، وما مطر منه خير أو بخير أي ما أصابه منه خير، وتمطرت الطير أسرعت في هويها كمطرت وعلى الأول الباء في قوله " بأخرى " للالة، وعلى الثاني للتعدية إلى المفعول الثاني " فما يصدق " على بناء المجهول من التفعيل وربما يقرأ على بناء المعلوم كينصر أي أصل الحديث صادق فيمطها بكذب من عنده، فلا يكون صادقا لذلك، والأول أظهر، وفي القاموس أغرى بينهم العداوة ألقاها كأنه ألزقها بهم، وقال الجوهري: أغريت الكلب بالصيد وأغريت بينهم وأقول كأن المعنى هنا يغري بينهم المخاصمات بسبب العداوة أو الباء زائدة، وقد قال تعالى " وأغرينا بينهم العداوة والبغضاء " (2) ويظهر من بعضهم كالجوهري أن الاغراء بمعنى الافساد فلا يحتاج إلى مفعول وفي بعض النسخ فيما سيأتي " ويفرق بين الناس بالعداوة " فلا يحتاج إلى تكلف، وقال: السخيمة والسخمة بالضم الحقد " وانظروا لأنفسكم " أي اختاروا للمواخاة والمصاحبة غير هؤلاء، حيث عرفتم ضرر مصاحبتهم أو لما نبهتكم