معه عيش، ينقل حديثك، وينقل إليك الحديث، كلما أفنى أحدوثة مطها بأخرى حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدق، ويغري بين الناس بالعداوة، فينبت السخائم في الصدور فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم (1).
بيان: في القاموس مجن مجونا صلب وغلظ، ومنه الماجن لمن لا يبالي قولا وفعلا كأنه صلب الوجه وقال الجوهري: المجون أن لا يبالي الانسان ما صنع وكأن المراد بالجفاء البعد عن الآداب الحسنة، ويطلق في الاخبار على هذا المعنى كثيرا، وهو الأنسب هنا، ويمكن أن يكون المراد به أنه يوجب غلظ الطبع، وترك الصلة والبر، قال في النهاية: الجفاء البعد عن الشئ، وترك الصلة والبر، ومنه الحديث " من بدا جفا " أي من سكن البادية غلظ طبعه لقلة مخالطة الناس والجفاء غلظ الطبع " وقسوة " أي توجب القسوة، والمدخل مصدر ميمي وكذا المخرج، ويحتملان الإضافة إلى الفاعل وإلى المفعول أي دخولك عليه أو دخوله عليك، وكذا المخرج " فإنه لا يشير عليك بخير " أي إذا شاورته " ولا يرجى لصرف السوء عنك " أي إذا ابتليت ببلية " ولو أجهد " أي أتعب " نفسه " فان كل ذلك فرع العقل " وربما أراد منفعتك فضرك " لحمقه من حيث لا يشعر، فموته خير لك من حياته في كل حال وسكوته عند المشورة وغيرها خير لك من نطقه وبعده عنك أو بعدك عنه خير لك من قربه، فان احتمال الضرر أكثر من النفع " لا يهنئك " بالهمز والقلب أيضا، في المصباح هنؤ الشئ بالضم مع الهمز هناءة بالفتح والمد تيسر من غير مشقة ولا عناء، فهو هنيئ، ويجوز الابدال والادغام، وهنأني الولد يهنؤني مهموز من بابي نفع وضرب، أي سرني وتقول العرب في الدعاء: ليهنئك الولد بهمزة ساكنة وبابدالها ياء، وخذفها عامي، ومعناه سرني فهو هانئ، وهنأني الطعام يهنأني ساغ.
" ينقل حديثك وينقل إليك الحديث " أي يكذب عليك عند الناس، ويكذب على الناس عندك، فيفسد بينك وبينهم، فقوله " كلما أفنى " بيان مفسدة أخرى وهي عدم الاعتماد على كلامه، ويحتمل أن يكون الجميع لبيان مفسدة واحدة