واليقين خطرات. وأروي ما قسم بين الناس أقل من اليقين، وروي أن الله يبغض من عباده المائلين، فلا تزلوا عن الحق فمن استبدل بالحق هلك وفاتته الدنيا وخرج منها ساخطا.
45 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: اليقين يوصل العبد إلى كل حال سني ومقام عجيب، كذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أن عيسى ابن مريم كان يمشي على الماء، فقال: لو زاد يقينه لمشى في الهواء، يدل بهذا أن الأنبياء مع جلالة محلهم من الله كانت تتفاضل على حقيقة اليقين لا غير، ولا نهاية بزيادة اليقين على الأبد، والمؤمنون أيضا متفاوتون في قوة اليقين وضعفه، فمن قوي منهم يقينه فعلامته التبري من الحول والقوة إلا بالله، والاستقامة على أمر الله وعبادته ظاهرا وباطنا، قد استوت عنده حالة العدم والوجود [والزيادة والنقصان والمدح والذم والعز والذل لأنه يرى كلها من عين واحدة، ومن ضعف يقينه تعلق] (1) بالأسباب ورخص لنفسه بذلك واتبع العادات، وأقاويل الناس بغير حقيقة، وسعى في أمور الدنيا وجمعها وإمساكها: مقر باللسان أنه لا مانع ولا معطي إلا الله وأن العبد لا يصيب إلا ما رزق وقسم له، والجهد لا يزيد الرزق، وينكر ذلك بفعله وقلبه، قال الله عز وجل: " يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون " (2).
وإنما عطف الله تعالى بعباده حيث أذن لهم في الكسب والحركات في باب العيش ما لم يتعدوا حدوده، ولا يتركوا فرائضه وسنن نبيه عليه السلام في جميع حركاتهم ولا يعدلوا عن محجة التوكل، ولا يقفوا في ميدان الحرص، فأما إذا نسوا ذلك وارتبطوا بخلاف ما حد لهم، كانوا من الهالكين الذين ليس لهم في الحاصل إلا الدعاوي الكاذبة، وكل مكتسب لا يكون متوكلا فلا يستجلب من كسبه إلى نفسه إلا حراما وشبهة، وعلامته أن يؤثر ما يحصل من كسبه ويجوع، ولا ينفق في