وقال الطبرسي رحمه الله: أي أفبعد هذا كله أمنوا عذاب الله أن يأتيهم من حيث لا يشعرون، وسمى العذاب مكرا لنزوله بهم من حيث لا يعلمون كما أن المكر ينزل بالممكور به من جهة الماكر من حيث لا يعلمه، وقيل إن مكر الله استدراجه إياهم بالصحة والسلامة، وطول العمر وتظاهر النعمة، " فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ".
يسئل عن هذا فيقال إن الأنبياء والمعصومين أمنوا مكر الله وليسوا بخاسرين وجوابه من وجوه أحدها أن معناه لا يأمن مكر الله من المذنبين إلا القوم الخاسرون بدلالة قوله سبحانه " إن المتقين في مقام أمين " (1) وثانيها أن معناه لا يأمن عذاب الله للعصاة إلا الخاسرون، والمعصومون لا يؤمنون عذاب الله للعصاة، ولهذا سلموا من مواقعة الذنوب، وثالثها لا يأمن عقاب الله جهلا بحكمته إلا الخاسرون ومعنى الآية الإبانة عما يجب أن يكون عليه المكلف من الخوف لعقاب الله ليسارع إلى طاعته واجتناب معاصيه، ولا يستشعر الامن من ذلك فيكون قد خسر في دنياه وآخرته بالتهالك في القبائح (2).
" أو لم يهد للذين يرثون الأرض " أي يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم وإنما عدى يهد باللام لأنه بمعنى يبين " أن لو نشاء " أي أنه لو نشاء " أصبناهم بذنوبهم " أي بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم " ونطبع على قلوبهم " مستأنف يعني ونحن نطبع على قلوبهم " فهم لا يسمعون " سماع تفهم واعتبار.
" للذين هم لربهم يرهبون " (3) أي يخشون ربهم فلا يعصونه ويعملون بما فيها (4).
" عذابي أصيب به من أشاء " قال في المجمع: أي ممن عصاني واستحقه بعصيانه، وإنما علقه بالمشية لجواز الغفران " ورحمتي وسعت كل شئ " قال