لم يتق المعاصي بحصول العقائد له، فإنه يمكن زواله عنه بحيث لم يعلم، فان الأعمال الصالحة والأخلاق الحسنة حصون للايمان تحفظه من سراق شياطين الإنس والجان، قال الجوهري: يقال: كان ذلك الامر فلتة أي فجاءة إذا لم يكن عن تدبر ولا تردد، وأفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى وأفلته غيره.
4 - الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الايمان والاسلام فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: إنما هو الاسلام، والايمان فوقه بدرجة، والتقوى فوق الايمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، ولم يقسم بين الناس شئ أقل من اليقين، قال: قلت: فأي شئ اليقين؟
قال: التوكل على الله، والتسليم لله، والرضا بقضاء الله، والتفويض إلى الله قلت: فما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر عليه السلام (1).
بيان: " إنما هو الاسلام " كأن الضمير راجع إلى الدين، لقوله تعالى:
" إن الدين عند الله الاسلام " (2) أو ليس أول الدخول في الدين إلا درجة الاسلام قوله عليه السلام: " التوكل على الله " تفسير اليقين بما ذكر من باب تعريف الشئ بلوازمه وآثاره، فإنه إذا حصل اليقين في النفس بالله سبحانه ووحدانيته وعلمه وقدرته وحكمته، وتقديره للأشياء، وتدبيره فيها، ورأفته بالعباد ورحمته يلزمه التوكل عليه في أموره، والاعتماد عليه والوثوق به، وإن توسل بالأسباب تعبدا، والتسليم له في جميع أحكامه، ولخلفائه فيما يصدر عنهم، والرضا بكل ما يقضي عليه على حسب المصالح من النعمة والبلاء والفقر والغنا والعز والذل وغيرها وتفويض الامر إليه في دفع شر الأعادي الظاهرة والباطنة، أورد الامر بالكلية إليه في جميع الأمور، بحيث يرى قدرته مضمحلة في جنب قدرته، وإرادته معدومة عند إرادته، كما قال تعالى: " وما تشاؤن إلا أن يشاء الله " (3) ويعبر عن هذه المرتبة بالفناء في الله.