حياة وأفعالها اقتناء الأفعال (1) الحميدة واجتناب الذميمة، وأوردوا في ذلك ما أورده الخيري في تفسيره قوله تعالى: " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها (2) " أن النفس والروح يجيئان بين يدي الله فيختصمان، فتقول النفس: كنت كالثوب لم اقترف ذنبا ما لم تدخل في، ويقول الروح: كنت مخلوقا قبلك بدهور ولم أدرما الذنب إلى أن دخلت فيك، فيمثل الله لهما أعمى ومقعدا وكرما على الجدار ويأمرهما بالاقتطاف، فيقول الأعمى: لا أبصر، ويقول المقعد: لا أمشي. فيقول له: اركب الأعمى واقتطف.
فيقول: هذا مثالكما، فكما صار العنب بكما مقطوفا صار الذنب بكما معروفا. ومن قال الروح هي الحياة قال المراد بالروح في هذا القول القلب، لأنه به حياة الجسد.
وقد روى في حلية الأولياء عن سلمان - رضي الله عنه - أنه قال: مثل القلب والجسد مثل الأعمى والمقعد، قال المقعد: أرى ثمرة ولا أستطيع القيام فاحملني، فحمله فأكل وأطعمه. وهذا أولى لان فعل الجسد إنما يكون طاعة ومعصية بعزيمة القلب، ولهذا قال عليه السلام: إن في الجسم (3) لمضغة إذا صلحت صلح سائره، وإذا فسدت فسد سائره و هي القلب.
تذنيب قوله تعالى: " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي (4) " إن قيل: كيف أبهم الله الجواب؟ قلنا: فيه وجوه:
(1) قال الكتابيون للمشركين: اسألوا محمدا عنه فإن توقف فيه فهو نبي فسألوه فأجاب بذلك، وقوله: " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " عنى اليهود، قالوا:
أوتينا التوراة وفيها علم كل شئ.
(ب) كان قصد هم بالسؤال تخجيل النبي صلى الله عليه وآله فإن الروح لما قيل على معان