فهنا مقصدان:
الأول في النفس مقدمة: اسم النفس مشترك بالاشتراك اللفظي بين معان: منها ذات الشئ " فعل ذلك بنفسه " ومنها الآنفة " ليس لفلان نفس " ومنها الإرادة " نفس فلان في كذا " ومنها العين، قال ابن القيس:
يتقي أهلها النفوس عليها * فعلى نحرها الرقي والتميم ومنها مقدار دبغة من الدباغ، تقول: أعطني نفسا، أي قدر ما أدبغ به مرة ومنها العيب " إني لا أعلم نفس فلان " أي عيبه، ومنها العقوبة " ويحذركم الله نفسه " ومنها ما يفوت الحياة بفواته كنفس الحيوان " كل نفس ذائقة الموت " وهذه هي المبحوث عنها المختلف فيها. واعلم أن الاحتمالات التي اقتضاها التقسيم بمناسبة إما جوهر مادي، أو جوهر مجرد، أو مادي وعرض، أو مجرد وعرض، أو مادي ومجرد وعرض.
المذهب الأول: الجوهر المادي قال به جماعة المعتزلة وكثير من المتكلمين ثم اختلفوا على مذاهب: ذهب جمهور المسلمين إلى أنه مجموع الهيكل المحسوس هذا كما ترى ليس هو جوهر فقط بل مضاف إليه عرض لان الجسم كذلك، واختاره القزويني. قال: لاجماع أهل اللغة أنهم عند إطلاق نفسه يشيرون إليه، واتفاق الأمة على وقوع الادراكات بالصبر عليه، ونصوص القرآن أيضا واردة فيه، مثل " إنا خلقنا الانسان من نطفة، خلق من ماء دافق، ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين إني خالق بشرا من صلصال " وإنه هو الذي يمات ويقبر في قوله " ثم أماته فأقبره " فمن يخرج عن هذه النصوص إلى غير مدلولاتها كيف يكون مسلما؟! وقد أجمعت الأمة على أن من رأى هذه البنية وحلف أنه ما رأى إنسانا حنث، ولكن اختلف في أن الانسان هل هو هذه الجملة، أو شئ له هذه الجملة؟ قال: الأقرب الثاني، والفائدة في الملك إذا جاء فيها فإنه ليس بإنسان، وكذلك المصور لها من خشب وغيره