تعالى: " يتوفى الأنفس " - الآية - (1) والحياة لا توصف بذلك.
قلنا: قد سلف أن النفس يقال على معان منها الروح، ومنها العقل والتمييز وهذان هما المراد من قوله: " يتوفى الأنفس - الآية - " وأطلق على النائم لعدم الدفع والنفع، ومنه سمى الله الكفار أمواتا في قوله: " إنك لا تسمع الموتى (2) " لعدم النفع.
ان قيل: في الحديث: ان الأرواح جنود في الهواء، والحياة لا تكون في الهواء.
قلنا: محمول على الذرية التي خرجت من آدم. وفي هذا نظر لمخالفة ظاهر الآية، إذ فيها: " وإذ أخذ ربك من بني آدم (3) ". أو أن الأرواح هنا القلوب، لان التعارف والتساكن (4) فيها.
ان قيل: في الحديث: خلق الله الأرواح قبل الأجساد، ولا يصح ذلك في الحياة.
قلنا: لا يعلم صحته، أو المراد بالأرواح الملائكة، فإن جبرئيل روح والملك العظيم الجثة روح، والروحانيون صنف منهم أيضا.
والظاهر من كلام أبي الحسن وجماعة أن الروح أجسام لطيفة. فقيل: ليست معينة. وقال الجويني: في ماسكة الأجسام المحسوسة، أجرى الله العادة باستمرار الحياة ما استمرت. وكان ابن فورك يقول: هو ما يجري في تجاويف الأعضاء، ولهذا جوز " أبو منصور البغدادي " قيام الحياة بالشعر، إذ لا يشترط في محلها التجويف، ولم يجوز قيام الروح لاشتراط التجويف، وليس في الشعر تجويف. واستدلوا على كونها جسما بوصف الله لها ببلوغ الحلقوم، وبالارسال، وبالرجوع، وبالفزع، وبقوله: من نام على وضوء يؤذن لروحه أن تسجد عند العرش. وعلى هذا اختلف في تكليفها: فقيل:
ليست مكلفة، وقيل: بل مكلفة بأفعال غير أفعال البدن: المحبة وضدها، وأن له