للكلام فيه مجال والله يعلم حقائق الأمور وحججه عليهم السلام.
وأقول: لما انتهى الكلام في هذا الباب إلي بعض الاطناب لكونه من أهم المطالب وأقصى المآرب فلا بأس بأن نذكر بعض المطالب المهمة من أحوال النفس وشؤونها في فوائد:
الأولى: في بيان اتحاد حقيقة النفوس البشرية بالنوع. قال نصير الملة والدين - رحمه الله - في التجريد: ودخولها تحت حد واحد يقتضي وحدتها. وقال العلامة - رفع الله مقامه -: اختلف الناس في ذلك فذهب الأكثر إلى أن النفوس البشرية متحدة في النوع، متكثرة بالشخص، وهو مذهب أرسطو، وذهب جماعة من القدماء إلى أنها مختلفة بالنوع، واحتج المصنف على وحدتها بأنها يشملها حد واحد والأمور المختلفة يستحيل اجتماعها تحت حد واحد، وعندي في هذا نظر. وقال شارح المقاصد: ذهب جمع من قدماء الفلاسفة إلى أن النفوس الحيوانية والانسانية متماثلة متحدة الماهية، واختلاف الأفعال والادراكات عائد إلى اختلاف الآلات، وهذا لازم على القائلين بأنها أجسام، والأجسام متماثلة، إذ لا تختلف إلا بالعوارض. وأما القائلون بأن النفوس الانسانية مجردة فذهب الجمهور منهم إلى أنها متحدة الماهية، وإنما تختلف في الصفات والملكات واختلاف الأمزجة والأدوات، وذهب بعضهم إلى أنها مختلفة بالماهية، بمعنى أنها جنس تحته أنواع مختلفة، تحت كل نوع أفراد متحدة الماهية، متناسبة الأحوال، بحسب ما يقتضيه الروح العلوي، المسمى بالطباع التام لذلك النوع. ويشبه أن يكون قوله عليه السلام " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " وقوله عليه السلام " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " إشارة إلى هذا. وذكر الامام في المطالب العالية: أن هذا المذهب هو المختار عندنا.
وأما بمعنى أن يكون كل فرد منها مخالفا بالماهية لسائر الافراد، حتى لا يشترك منهم اثنان في الحقيقة، فلم يقل به قائل تصريحا، كذا ذكره أبو البركات في المعتبر.