المركبة مركبة، فيلزم كون محلها مركبا لامتناع حلول المركب في البسيط، وهذه معارضة أخرى لا محيص عنها. وأما الرابعة فنمنع انقسام كل جسم وجسماني، لما ثبت في الكلام جواهر لا تقبل الانقسام.
المذهب الثاني: أنها عرض، فذهب جالينوس إلى أنه المزاج الذي هو اعتدال الأركان. وهذا نظر إلى فوات الحياة بفواته وقد سلف جوابه.
وقيل: إنه تشكيل البدن وتخطيطه. وهذا قول سخيف جدا منقوض بمقطوع اليد مثلا، فإن فوات تخطيطها يلزم منه عدم النفس، لعدم الكل بعدم الجزء.
وقيل: إنه الحياة، وهذا مأخوذ من التلازم بينهما وقد عرفت أنه لا يوجب الاتحاد.
وقيل: إنه النسبة الواقعة بين الأركان في الكميات والكيفيات.
أما تركبه من الجسم والمجرد، أو من العرض والمجرد أو من الجسم والعرض والمجرد فقال سديد الدين محفوظ: لا أعلم به قائلا، إلا أن تفسير الفلاسفة لحقيقة الانسان بأنه الحيوان الناطق يقتضي كون الانسان عبارة عن البدن والنفس معا، لان الحياة جنس حلته أعراض والناطق هو النفس، فعلى هذا يكون الانسان مركبا من هذه تركيبا ثلاثيا وهذا مذهب تاسع وعشرون.
والثلاثون: قال بشر بن معتمر وهشام النوطي: إنه الجسم والروح الذي هو الحياة، وإنهما الفاعلان للا فعال، وعلى هذا قيل: في الانسان نفس وروح، فإذا نام خرجت نفسه، وإذا مات خرجتا معا، وهذا يؤدي إلى أن النفس والروح غير الانسان.
خاتمة قوله عليه السلام: " من عرف نفسه فقد عرف ربه " قال بعض العلماء: الروح لطيفة لاهوتية في صفة ناسوتية، دالة من عشرة أوجه على وحدانية ربانية:
1 - لما حركت الهيكل ودبرته علمنا أنه للعالم من محرك ومدبر.
2 - دلت وحدتها على وحدته.