طائفة أخرى غيرهم. " وحملة الغيب إلى رسلك والمؤتمنين على وحيك " في أكثر النسخ " وحمال الغيب ": والحمال جمع الحامل، والغيب يطلق على الخفي الذي لا يدركه الحس ولا يقتضيه بديهة العقل، وهو قسمان: القسم الأول لا دليل عليه وهو المعني بقوله " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو (1) " وقسم نصب عليه دليل كالصانع وصفاته واليوم الآخر وأحواله (2) كذا ذكره البيضاوي. والمراد هنا إما الأعم أو الأول، " والمؤتمنين " إما تأكيد أو عطف تفسير لسابقه، أو المراد بهم طائفة أخرى شأنهم تبليغ الأحكام والشرائع فقط، أو مع الثاني إن حملنا الأولى (3) على الأول، والظاهر أن هاتين الفقرتين مؤكدتان لما سبق من قوله " وأهل الأمانة على رسالتك " ويمكن تخصيص ما سبق ببعض المعاني التي ذكرناها هنا وهاتان بالبعض الآخر، إذ يمكن أن يكون لحمل الغيب طائفة مخصوصة كملائكة ليلة القدر وغيرهم، والأول أظهر، وتكرير المطلب الواحد بعبارات مختلفة في مقام الدعاء والخطب والمواعظ مما يؤكد البلاغة.
" وقبائل الملائكة الذين اختصصتهم لنفسك " القبائل جمع القبيلة وهي الشعوب المختلفة، والكلام في التأكيد والتأسيس كما مر، والمراد بالاختصاص به تعالى أنهم مشغولون بعبادته بخلاف ما سيأتي ممن له شغل في النزول والعروج وسائر الأمور، وإن كان هذه الأمور أيضا عبادة لهم، أو أنه سبحانه يطلعهم على أسرار لم يطلع عليها غيرهم من الملائكة.
" وأغنيتهم عن الطعام والشراب بتقديسك " أي خلقتهم خلقة لا يحتاجون في بقائهم إلى الغذاء، وكما أنا نتقوى بالغذاء فهم يتقوون بتسبيحه وتقديسه وعبادته.
" وأسكنتهم بطون أطباق سماواتك " الاطباق جمع طبق، يقال: السماوات أطباق وطباق، أي بعضها فوق بعض. قال الراغب: المطابقة هو أن يجعل الشئ