بأمره تعالى، ولو كان من بخارات الأرض والبحار كما هو المشهور، فيكون قوله " وزواجر السحاب " عطف تفسير له، أي سائقتها من " زجر البعير " إذا ساق، و به فسر قوله تعالى " والزاجرات زجرا " كما مر، والسحاب: جمع السحابة، و هي الغيم. " والذي بصوت زجره يسمع زجل الرعود " قال في النهاية: في حديث الملائكة " لهم زجل بالتسبيح " أي صوت رفيع عال. وفي القاموس: الرعد صوت السحاب، أو اسم ملك يسوقه كما يسوق الحادي الإبل بحدائه (انتهى) والرعد هنا يحتمل الوجهين، وإن كان كونه اسما للملك أظهر، وسيأتي تحقيق الرعد و البرق والسحاب في الأبواب الآتية. وصيغة الجمع هنا تدل على أن الرعد اسم لنوع هذا الملك إن كان اسما له، وإضافة الزجل إلى الرعود بيانية إن أريد به الصوت، ولامية إن أريد به الملك.
" وإذا سبحت به خفيفة السحاب التمعت صواعق البروق " أقول: النسخ مختلفة في هذه الفقرة اختلافا فاحشا، ففي بعضها " سبحت بتشديد " الباء، وفي بعضها بتخفيفها، و " حفيفة " في بعضها بالحاء المهملة والفائين، وفي بعضها بالخاء المعجمة ثم الفاء ثم القاف وفي بعضها بالمهملة ثم الفاء ثم القاف. والسبح الجري والعوم. والخفيف أنسب، وعلى التشديد يحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى " هو الذي يسبح الرعد بحمده " قال الفيروزآبادي: سبح بالنهر وفيه كمنع سبحا وسباحة بالكسر عام، وأسبحه عومه. وسبحان الله تنزيها له عن الصاحبة والولد، ونصبه على المصدر، أي أبرئ الله من السوء براءة. أو معناه السرعة إليه والخفة في طاعته. وقال: حف الفرس حفيفا سمع عند ركضه صوت، وكذلك الطائر والشجرة إذا صوتت. وقال:
الخفق صوت النعل، وخفقت الراية تخفق وتخفق خفقا وخفقانا - محركة -:
اضطربت وتحركت، وخفق فلان: حرك رأسه إذا نعس، والطائر: طار، و الخفقان - محركة -: اضطراب القلب. وأخفق الطائر: ضرب بجناحيه. وفي النهاية: خفق النعال صوتها. وأما المهملة ثم الفاء ثم القاف كما كان في نسخة ابن إدريس - رحمه الله - بخطه فلم أجد له معنى فيما عندنا من كتب اللغة، ولعله من