واعلم أن تاريخ الولادة مخالف لما مر والمشهور أن سر من رأى بناها المعتصم ولعل المتوكل أتم بناءها وتعميرها فلذا نسبت إليه، وقال الفيروزآبادي: سر من من رأى بضم السين والراء أي سرور وبفتحهما وبفتح الأول وضم الثاني وسامرا ومده البحتري في الشعر أو كلاهما لحن وساء من رأى بلد، لما شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره فلما انتقل بهم إليها سر كل منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم.
قوله: " فبغير سنة القائم " لعل المعنى أن الحسين عليه السلام كيف يظهر قبل القائم عليه السلام بغير سنته فأجاب عليه السلام بأن ظهوره بعد القائم إذ كل بيعة قبله ضلالة.
قوله عليه السلام " فها أنا ذا آدم " يعني في علمه وفضله وأخلاقه التي بها تتبعونه وتفضلونه، وشحب لونه كجمع ونصر وكرم وعني تغير، قوله عليه السلام " ويلزمهما إياه " أقول: العلة والسبب في إلزام ما تأخر عنهما من الآثام عليهما ظاهر، لأنهما بمنع أمير المؤمنين عليه السلام عن حقه، ودفعه عن مقامه، صارا سببين لاختفاء سائر الأئمة ومغلوبيتهم، وتسلط أئمة الجور وغلبتهم إلى زمان القائم عليه السلام وصار ذلك سببا لكفر من كفر، وضلال من ضل، وفسق من فسق، لأن الامام مع اقتداره واستيلائه وبسط يده يمنع من جميع ذلك، وعدم تمكن أمير المؤمنين صلوات الله عليه من بعض تلك الأمور في أيام خلافته إنما كان لما أسساه من الظلم والجور.
وأما ما تقدم عليهما، فلأنهما كانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحق عن مقامهم، وما يترتب على ذلك من الفساد، ولو كانا منكرين لذلك لم يفعلا مثل فعلهم، وكل من رضي بفعل فهو كمن أتاه، كما دلت عليه الآيات الكثيرة، حيث نسب الله تعالى فعال آباء اليهود إليهم، وذمهم عليها لرضاهم بها وغير ذلك، واستفاضت به أخبار الخاصة والعامة.
على أنه لا يبعد أن يكون لأرواحهم الخبيثة مدخلا في صدور تلك الأمور عن الأشقياء كما أن أرواح الطيبين من أهل بيت الرسالة، كانت مؤيدة للأنبياء والرسل، معينة لهم في الخيرات، شفيعة لهم في رفع الكربات، كما مر في كتاب