ثم خرجت من الكوفة راحلا إلى المدينة، فجاؤوني يقولون: إن معاوية أسرى سراياه إلى الأنبار والكوفة، وشن غاراته على المسلمين، وقتل من لم يقاتله وقتل النساء والأطفال، فأعلمتهم أنه لا وفاء لهم، فأنفذت معهم رجالا وجيوشا وعرفتهم أنهم يستجيبون لمعاوية، وينقضون عهدي وبيعتي، فلم يكن إلا ما قلت لهم، وأخبرتهم.
ثم يقوم الحسين عليه السلام مخضبا بدمه هو وجميع من قتل معه، فإذا رآه رسول الله صلى الله عليه وآله بكى وبكى أهل السماوات والأرض لبكائه، وتصرخ فاطمة عليها السلام فتزلزل الأرض ومن عليها، ويقف أمير المؤمنين والحسن عليهما السلام عن يمينه، وفاطمة عن شماله، ويقبل الحسين عليه السلام فيضمه رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صدره، ويقول: يا حسين!
فديتك قرت عيناك وعيناي فيك، وعن يمين الحسين حمزة أسد الله في أرضه، وعن شماله جعفر بن أبي طالب الطيار، ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام وهن صارخات وأمه فاطمة تقول " هذا يومكم الذي كنتم توعدون " (1) اليوم " تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " (2).
قال: فبكى الصادق عليه السلام حتى اخضلت لحيته بالدموع، ثم قال: لا قرت عين لا تبكي عند هذا الذكر، قال: وبكى المفضل بكاء طويلا ثم قال: يا مولاي ما في الدموع يا مولاي؟ فقال: ما لا يحصى إذا كان من محق.
ثم قال المفضل: يا مولاي ما تقول في قوله تعالى " وإذا الموؤودة سئلت * بأي ذنب قتلت " (3) قال: يا مفضل والموؤودة والله محسن، لأنه منا لا غير، فمن قال غير هذا فكذبوه.
قال المفضل: يا مولاي ثم ماذا؟ قال الصادق عليه السلام: تقوم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول: اللهم أنجز وعدك وموعدك لي فيمن ظلمني وغصبني، وضربني و